ابنُ غَسَّـانَ اللَّوَّاحُ:
وقال من الطويل قصيدة يعظِّمُ فيها شهر الصيام:
عظمت فلا شيء سواك عظيم |
وجدت فما يحكي إليك كريم |
وأوجدت معلوم الصنيع بقدرة |
بها عدم المثري ونيل عديم |
وأنت رؤوف بالعباد مهيمن |
وبالمذنب اللاجي إليك كريم |
لطيف فإن أمهلت لست بمهمل |
جواد فلم تبخل وأنت خليم |
تباركت تقديسًا تعاليت قدرة |
خبير بأسرار الذنوب عليم |
سألتك مضطرًا وأدعوك خائفًا |
وراج وأنت المستعان قيوم |
فذنبي عظيم يا عظيم وإنما |
عظمت وما عند العظيم عظيم |
عساك مع العتق الكرام عتقتني |
فإني على باب الرجاء حجوم |
وإن كنت ذا إثم أثيمًا بكسبه |
فما كل من يرجو رضاك أثيم |
وقمت وشهر الصوم لي فمودع |
وكل وصول للحبيب صروم |
أودعه والعين شكري بدمعها |
وخفت على عقباه لست أصوم |
وإن جدي السعد عندك سابقًا فما |
ضامني في الموقفين مضيم |
عساك قبلت الصوم مني وما بقي |
من الذنب عندي لاحق ومقيم |
فيا ليت شعري كيف منك بزلفة |
أأم بالذنوب الموبقات رحيم |
ولم أدر هذا الشهر ودع بالرضا |
وما راح عني فهو لي فخصيم |
رجال بشهر الصوم فازت فليتني |
أكون بهم يوم المفاز ضميم |
وأعطيت ما أعطوا من الصوم حقه |
وقمت بما كان الكرمي يقوم |
وداعًا أبا فطر تركت بيننا |
وكل بإخلاص الوداد مقيم |
بك الذكر يتلى كان في كل مسجد |
بك الدين يا شهر الصيام قويم |
وكل لسان فيك بالذكر منتج |
وبالهجر والعصيان منك عقيم |
بك البركات استوسقت وتجمعت |
وليلة قدر فيك ليت تدوم |
ملائكة الرحمن جئت بمرحب |
أضا النور منها والظلام بهيم |
رحلت أبا فطر رحيل منادم |
وهل فيك يعتاض النديم نديم |
سألنا الذي آتاك عنا نديمنا |
لنلقاك والفضل العظيم نديم |
رأيت مع التوديع راحت ذنوبنا |
كما راح بين العاصفات هشيم |
فسر حياة بالذنوب منوطة |
ولا في اكتساب الذنب طاب نعيم |
إذا نمت أفلاث المعاصي تزورني |
فأقعد من أغلائها وأقوم |
ومن أعجب الأشياء مني إذا ابتلى |
بلائي بذنب كيف وهو نؤوم |
ولولا الرجا في اللَه أن جميله |
على كل مخلوق رجاه عميم |
لقطعت أنفاسي بأرداف أنةٍ |
لها بين أثناء الضلوع حطيم |
ولكنني مستعصم بالذي به |
نشا العظم حيًّا وهو ثم رميم |
أنا الهائم المشتاق للعفو والرضا |
وكل حبيب للحبيب بهيم |
بعثت لك الآمال أرجو نهالها |
وهن إلى ورد القبول تهيم |
فإن تعف عني فهو منك كرامة |
فإني سؤول والمسول كريم |
على المصطفى صلى الإله وآله |
متى قصدت نحو المشاعر كوم |