يحكى أنه في قديم الزمان، وسالف العصر والأوان سطا تنين على أهل قرية، فسلب كل ما يملكون من ذهب وحليّ حاملا إياه إلى كهفه في قمة الجبل.
وقع أهل القرية في بؤس شديد جراء هذا السطو الوحشي للتنين. فبادر شباب القرية الأشداء إلى استعادة ذهب أهليهم، فتأهب الواحد تلو الآخر، وأعد عدته، وصعد إلى قمة الجبل قاصدا كهف التنين ليقتله ويعود بكنز قومه المسلوب. لكن كان الشاب يذهب ثم لا يعود، ولا من حس منه ولا من خبر. وهكذا اختفى شباب القرية واحدا بعد الآخر في ذلك الكهف من قمة الجبل دون أن يعرف أحد عن مصيرهم شيئا، ودرج الأمر على ذلك سنين وسنين.
إلى أن جاء يوم انبرى فيه شاب شجاع الفؤاد، حاد الذكاء، قوي العضلات، وقرر أن يخوض تجربة من سبقه من الأبطال، فتقلد سيفه، وحمله رمحه، وركب حصانه، وأخذ يصعد الجبل قاصدا ذروته حيث كهف التنين.
دخل الشاب الكهف، فبرز له التنين بصورته المروعة، وكشر له عن أنيابه، وهجم عليه ليلتهمه.. قفز الشاب بحركة سريعة، واحتال على التنين، وأعمل فيه سيفه ورمحه حتى أرداه قتيلا.
أقبل الشاب على أكوام الذهب والحليّ فرحا مبتهجا، وأخذ يملأ كفيه بالذهب والجواهر، يمسحها بوجهه ويضمها إلى صدره.. وبإذا بأصابعه أخذت تمتد، وأذا بأظافره تطول، وإذا بشعر غزير يغطي جميع جسمه الذي تضخم فجأة وتحول إلى تنين مريع.
نهاية مأساوية جربناها لدى كل من طلب السلطة من أجل الشعب المسكين، فناضل حتى أتاه التمكين. وحينها نسي كل شيء، وتحول إلى تنين يثير الرعب في القلوب. لا فرق في ذلك ين العلمانيين أو الإشتراكيين أو الليبراليين أو للأسف حتى الإسلاميين. وما تعيشه مؤسسات الخدمة وأبناؤها من مجازر وإبادة وتنكيل في تركيا دليل آخر على ذلك.