أيُّـها العـبْـدُ، هل سـمعت المنـادي
يـا لها صـيحةً تـصـدّع منهـا
أيّـها العـبْـدُ، طال مُكثُك في الأرض
هـل تزوّدتَ؟ إنَّ كـلَّ رحيـلٍ
فإلـى مَ الآمـالُ تقـطَـعُ عنْـك
أنت من طينٍ قـدْ خُـلقتَ وللطِّـيـنِ
آه مِـنْ وحْـشـةِ الـقُـبـورِ، وبـيْتِ
كيف منْـجاتُـكَ الغَـداةَ؟ وكـلٌّ
إنَّ أولى منـازلِ الغـدِ، لو تَـعْـلـمُ
روضـةٌ مِـنْ دار الخـلـودِ أعِـدّتْ
وإذا لم تكُـنْ… فحفـرةُ نـارٍ
هيه يا عـبْـدُ.. كم يطُولُ التمنِّـي
فتـزوَّدْ.. قَـدْ آذنـتْ بـزوالٍ
كمْ بَـلَـلْـتَ الشِّـفَـاهَ وهي صـوادٍ
لم يـزدْكَ السَّـراب إلا أوامـا
كانَ مـا بَـيْـن راحتـيْـكَ ولكـنْ
وكُـؤوسُ الـرِّضـا دعَـتْـكَ ولكـنْ
قالـتِ الـنَّـفْـسُ: مـا مُـراديَ إلا
لا تُـطِـعْـهـا.. فكـمْ تَـردَّى مُـطـيـعٌ
كلُّ شـيءٍ وإنْ يطـلْ فـقـصـيـرٌ
ليْـسَ يَبْـقَـى إلا الذي تحْـتَ ظـلِّ
صـادعًا كلَّ مجْـمـعٍ أو ناد؟
كل صلد مـن حاضـرٍ أو بـادِ
فقـد آن موْعـدٌ للمعـاد
أيـهـا العَـبْـدُ ظـامئٌ للـزّادِ
الـدَّرْبَ يـا غـافـلاً.. وفيم التَّـمادي؟
بلا ريبـةٍ مـآب العبـادِ
الـدُّودِ.. يغْـشى السَّـواد إثْـر السَّـوادِِ
خـائفٌ بَـيْـنَ رائِـحٍ أو غـادِ
بيـتٌ يـعْـلـو بـلا أوتـادِ
لـو درى غـافِـلٌ، لأهْل الرشـادِ
لـنُـفُـوسٍ لـم تَـأْتَـزِرْ بالسَّـدادِ
والـرَّدى للأنـام بالمـرْصـادِ
شمْسُ عُـمْـرٍ جَـرتْ مـع الآبـادِ
آه بل إنـهـا العُـروق الصَّـوادي
والشَّـرابُ اللذيـذُ ظـلَّ يُـنادي
حَـجَـبَـتْـهُ عَـنْ نـاظِـرَيْـكَ العـوادي
أسْكرَتْكَ المُـنى بـلا مِـيـعـادِ
لَـذةٌ.. والحـرامُ شَـرُّ مُـراد
للْـهـوى.. والهـوَى مَـطِـيّ الـفَـسـادِ
كلُّ ما يـنْـتـهـي غـدًا للنَّـفـادِ
الله يـبْـقَى سنـاه يومَ الـتَّـنـادي
(*) رئيس تحرير مجلة المشكاة / المغرب