يتكون الجلد من طبقتين؛ البشرة وهي الطبقة الخارجية، والأدمة وهي الطبقة التي تقع أسفل البشرة. وجروح الجلد قد تكون مغلقة حيث يبقى السُمك سليمًا، ويسببها احتكاك أو اصطدام بجسم غير حاد يؤدي لسحجات وكدمات وأنزفة قد تصل لتكيس دموي تحت الجلد، وقد تكون جروحًا مفتوحة وغالبًا ما ترتبط شكلاً وخطورة بمسببها، ومنها: الجروح القطعية وأكثرها نزفًا خارجيًّا، والوخذية، والنافذة، والثاقبة، والتهتكية، والنزعية، والتقرحية، والتسممية.. ويحدث التئام الجروح الأولي (Primary)، والثانوي أو المتأخر (Secondary/Delayed)، تبعًا للتدخل العلاجي. فإذا كانت الجروح صغيرة وغير ملوثة، فإن انفراج حافتي القطع يكون صغيرًا والتئامه تلقائيًّا. أما الجروح القطعية الكبيرة والحديثة -التي لم يمر عليها 12 ساعة- فانفراجها تباعديًّا، ويستلزم إيقاف النزف الشديد، ورتق أو تقطيب جانبي القطع لتلتئم أوليًّا في غضون 7-10 أيام. أما التي لا تضمد أو تترك عن قصد غير مقطبة فتلتئم ثانويًّا وقد يستمر لأسابيع أو شهور، وقد تُنقل رقعة جلدية لتغطية جرح كبير أو لجرح لا يلتئم بالصورة المطلوبة.
عملية التئام الجروح
عملية التئام الجروح (Wound Healing) طويلة ومعقدة، وغايتها إصلاح ما تلف. وتمر بمراحل حيوية منظمة ومتناسقة ومتتالية: المرحلة الالتهابية، ووقف النزف وتخثر الدم (Hemostasis)، ومرحلة النمو والانقسام (Proliferation)، ومرحلة البناء والتنظيم والنضج (Maturation).
ففي المرحلة الأولى تنقبض الأوعية النازفة بتأثير البروستاغلاندينات، والثرومبوكسين، وتنشط عوامل التخثر ليحدث خلال الدقائق الأولى لحدوث الجرح؛ حيث تقوم الصفائح الدموية بالتجمع والالتصاق، ويطرأ عليها تغيرات نشطة، وتصبح غير منتظمة الشكل. وتفرز رسائل أو إشارات كيميائية تعزز التخثر. فلتكوين الخثرة خطوات متدرجة ومتداخلة ومتكاملة ومتسارعة، تشترك فيها الصفائح الدموية، وأملاح وبروتينات الدم، وأنزيمات نشطة (بروثرومبين، وثرومبين)، وكذلك تفعيل “الفيبرينوجين” إلى “فبرين” (Fibrin)، يكوِّن شبكة لاصقة تربط بين الصفائح الدموية. إن الخثرات تعمل كسدادات للأوعية الدموية النازفة، وخلال فترة الالتهاب تهرع كريات الدم البيضاء لتهاجم البكتيريا، وتزيل الخلايا الميتة والبكتيريا وحطام “المعركة” عبر البلعمة (Phagocytosis) وبحضور أنزيم “البروتييز” (Proteases).
وفي مرحلة الانقسام، تُفرز عوامل نمو من الصفيحات لتحث على هجرة الخلايا وانقسامها. ولنمو نسيج ليفي ضام جديد، تتكون خلال 24 ساعة أوعية دموية جديدة.. وتزداد في الطول بسرعة، وتشق طريقها في الجلطة الدموية التي تملأ الجرح، حيث تصبح الجلطة كشبكة من الأوعية الدموية الجديدة الصغيرة. وبداخل الشبكة تظهر الملايين من الخلايا الطويلة الرقيقة لتبقي جانبي الجرح ملتصقين متواصلين. يسمى خليط الأوعية الدموية وخلايا النسيج الضام بـ”النسيج الندبي”، ويتعزز نمو هذا النسيج الضام، ليشكل غطاءً واقيًا ووقائيًّا للجرح. كما تتكوّن قشرة (Scab) على سطحه، وكسقف مؤقت يظلل يحمي “سريان عمل” الالتئام.
جروح الجلد قد تكون مغلقة حيث يبقى السُمك سليمًا، ويسببها احتكاك أو اصطدام بجسم غير حاد يؤدي لسحجات وكدمات وأنزفة قد تصل لتكيس دموي تحت الجلد، وقد تكون جروحًا مفتوحة وغالبًا ما ترتبط شكلاً وخطورة بمسببها.
تتم عملية التنظيم والنضج النسيجي، عبر إعادة ترتيب ألياف الكولاجين، واضمحلال الخلايا غير المفيدة عبر موت برمجي (Apoptosis). كما يتم إحلال النسيج الندبي ببطء بنسيج ليفي قوي، ويعاد تكوين نسيج الظهارة (Epidermis) عبر نمو وزحف خلاياه لأعلى الجرح، مغطية الأنسجة الضامة الجديدة. وتتقلص منطقة الجرح، وتنقبض حوافه بتقلص حجم الألياف الضامة. وبالتالي تسعى أنسجة الجرح لتكون أكثر ليونة ومرونة، وخلال أيام يلتئم تمامًا تاركًا ندبة صغيرة. وحين تسقط القشرة، فإن النسيج الالتئامي يرى كخط قرمزي، وخلال أسابيع أو شهور، يتغير لونه إلى الأبيض، وتحدد الندبة أثر الجرح إلى الأبد.
التئام الكسر
يتنوع تصنيف كسور العظام، فمنها الكسور غير الكاملة، والكسور الكاملة. يعتمد التئام وإعادة تجديد العظم، على طبيعة الكسر. وبعد التدخلات الطبية اللازمة لتثبيت ما يلزم تثبيته يتأتى التئامها التئامًا فسيولوجيًّا ذاتيًّا، وتعتمد تلك العملية اعتمادًا أساسيًا على “السمحاق” (Periosteum) وهو غشاء نسيجي ضام يغلف الطبقة الخارجية للعظام، ويعدّ مصدرًا من مصادر الخلايا الطليعية التي تتحول إلى أرومات غضروفية وعظمية ضرورية للالتئام، كما يعد كل من النخاع العظمي، والبطانة العظمية، والأوعية الدموية الصغيرة، والأرومات الليفية، مصادر أخرى لهذه الخلايا الطليعية.
وهناك ثلاث مراحل رئيسة لالتئام الكسر، يمكن تقسيم مرحلتين منها إلى أقسام تحت فرعية ليكون المجموع خمس مراحل وهي: المرحلة التفاعلية أول الالتهاب، والنسيج الحُبَيبي، والمرحلة الترميمية وتشكل ثقن الغضروف، وترسب العظم الصفائحي، ومرحلة إعادة تشكيل كِفاف العظم الأصلي.
ففي المرحلة التفاعلية يكون أول تغير -ويرى عبر الفحص المجهري الإلكتروني الضوئي- هو وجود كريات دم ملاصقة لمكان الإصابة، ويتبع الكسر انقباض الأوعية الدموية لوقف أي نزيف. وبعد الكسر ببضع ساعات، تُشَكل خلايا الدم التي تقع خارج الأوعية الدموية جلطة دموية أو ورمًا دمويًّا، وتتحلل الخلايا المتواجدة في الجلطة الدموية وتموت، وكذلك تموت بعض الخلايا الواقعة خارج الجلطة الدموية الملاصقة لمكان الإصابة، بينما تنجو وتتضاعف الأرومات الليفية داخل هذه المنطقة لتُشكل تكدسًا خلويًّا مرخيًا متخلل فيما بين أوعية دموية صغيرة هي النسيج الحُبَيبي.
أما المرحلة الترميمية فتأتي بعد الكسر بعدة أيام، وفيها تتضاعف خلايا السمحاق وتتحول، فتتغير الخلايا السمحاقية القريبة من فجوة الكسر لأرومات غضروفية، وتكوِّن غضروفًا هيالينيًّا (زجاجيًّا). لكن الخلايا السمحاقية البعيدة عن فجوة الكسر، تتحول لأرومات عظمية لتكوِّن العظم المحبوك. كما تتحول الأرومات الليفية المتواجدة في النسيج الحُبَيبي لأرومات غضروفية لتشكل -أيضًا- غضروفًا زجاجيًّا. وينمو هذان النسيجان الجديدان حتى يلتئمان مع نظيريهما من أجزاء الكسر الأخرى. وتبلغ هذه العمليات ذروتها في كتلة جديدة من الأنسجة المتغايرة المنشأ، وتُعرف بـ”ثقن الكسر”. وفي النهاية تُسد فجوة الكسر عن طريق الغضروف الزجاجي والعظم المحبوك؛ مستعيدًا العظم بعضًا من قوته الأصلية.
عملية التئام الجروح طويلة ومعقدة، وغايتها إصلاح ما تلف. وتمر بمراحل حيوية منظمة ومتناسقة ومتتالية: المرحلة الالتهابية، ووقف النزف وتخثر الدم، ومرحلة النمو والانقسام، ومرحلة البناء والتنظيم والنضج.
وتعد المرحلة التالية، مرحلة إحلال العظم الصفاحي محل الغضروف الزجاجي والعظم المحبوك. وتُعرف عملية إحلال المحل؛ بالتعظم الغضروفي بالنسبة للغضروف الزجاجي، أو الاستبدال العظمي بالنسبة للعظم المحبوك. ويبدأ العظم الصفاحي في التشكل بعدما يتمعدن (بترسب الكالسيوم) قالبًا الكولاجين للنسيجين، وفي تلك اللحظة، تخترق القنوات القالبان الممعدنان وتحتوي كل من هذه القنوات أوعية مجهرية وأرومات غضروفية عديدة. وتشكل الأرومات الغضروفية عظم صفاحي جديد على السطح المكشوف للقالبين الممعدنين، ويكون العظم الصفاحي الجديد على هيئة عظم تربيقي. وفي آخر الأمر، يحل العظم التربيقي محل كلٍّ من العظم المحبوك وغضروف ثقد الكسر الأصلي؛ مسترجعًا العظم معظم قوته الأصلية.
وفي مرحلة إعادة التشكيل، يحل العظم المكتنز محل العظم التربيقي، عبر ارتشاف الأرومات العظمية للعظم التربيقي، مكونة وحدة ارتشاف مسطحة جوبة هاوشيب، ثم تُرسب الأرومات العظمية العظم المكتنز داخل وحدة الارتشاف. وفي النهاية، يعاد تشكيل ثقد الكسر تشكيلاً جديدًا يقارب قوة وهيئة العظم الأصلي. وقد تأخذ مرحلة إعادة التشكيل ما بين ثلاث إلى خمس سنوات.