(حراء أونلاين) عقد مركز نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية ندوة بعنوان “قراءات في كتاب الغرباء” بمناسبة صدور الكتاب الثاني في سلسلة كتاب نسمات بعنوان “الغرباء” للأستاذ فتح الله كولن، بمشاركة عدد كبير من الباحثين وطلبة الماجستير والدكتوراه.
بدأت الندوة في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحًا حيث قدم لها وأدارها الشاعر والباحث الأكاديمي المتخصص الدكتور إيهاب عبد السلام وأوضح في مقدمته أن الأستاذ فتح الله كولن يحتاج إلى أكثر من عقلية تخصصية لقراءته وفهمه، وأن كتاب “الغرباء” يرتفع بالفكر العلمي والديني ويجمع بينهما، في إطار إبداعي فريد.
وأضاف أن السلاسة والإبداع التي يشتمل عليها الكتاب تشير إلى ثراء النص الأصلي المنقول عنه الكتاب، فمع أنه نص مترجم إلا أنه لم يفقد رونقه وبهاءه وجمالياته الإبداعية مما يشي باكتناز النص الأصلي وسموه الأدبي. .
وبين د. إيهاب عبد السلام أن الأستاذ كولن لديه إبداع في التنوع والكتابة كما أنه استخدم هذا التنوع والإبداع من أجل التأثير في المخاطب، ففكر الأستاذ وهمه ليس سياسيًّا بل روحيًّا يقوم على بناء الفرد بناء سويا يعمر الأرض ويصلحها وفق مراد الله تعالى.
وقال د. إيهاب عبد السلام إن الأستاذ كولن استطاع أن يعيد قراءة المشهد التاريخي بعين الفاحص الخبير، كما أن كلمة الغرباء مع دلالتها المعهودة الدارجة إلا أن الأستاذ كولن استطاع صياغة دلالة جديدة منها، متعددة الدلات والاتجاهات، وهذا بعد راق لا يفطن له إلا ذوو البصائر.
وفي كلمته حول الكتاب أوضح الدكتور أشرف سعد الأزهري الكاتب والباحث في الفكر الإسلامي، أن الغربة الحقيقية هي غربة اختلاط المفاهيم والمصطلحات التي يعمل الكتاب على معالجتها عن طريق تصحيح الأفكار الخاطئة في فكرنا من خلال الفهم الصحيح لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم والشرع الشريف.
واضاف أن الأستاذ كولن إنسان صاحب أفكار جديدة نحتاج إليها في مسيرتنا، ودعوته ليست دعوة خاصة به؛ بل هي دعوة منفتحة على الإنسانية كافة، فلم أجد مفكرًا أو عالمًا يخاطب الجميع من خلال عالمية الإسلام كالأستاذ فتح الله كولن.
إن فكرة المجدد عن الأستاذ كولن فكرة محورية، فمفهوم المجدد عنده يدخل فيه كل شخص يحمل في داخله همّ، فالأستاذ كولن تحرر من قيد المصطلحات في هذا الكتاب، إلا أنه ظل متمسكًا بالمعاني الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من المدرسة التي ترجح بالمعنى على اللفظ.
أما الدكتور بركات محمد مراد أستاذ الفلسفة الإسلامية والخبير التربوي فقد ألمح في مداخلته إلى أن عنوان كتاب “الغرباء” له دلالات عبقرية فريدة؛ فالمصطلح مع قدمه وتداوله على ألسنة كثير من العلماء فإن الأستاذ عالجه من منظور جديد وهو المنظور الإنساني المنفتح على الكون كله، كما تمكن كاتبه من أن يجعل منه بلورة شفافة تتجلى في انعكاساتها معاني كثيرة فلسفية واجتماعية وإنسانية.
وفي إشارته إلى البعد الفني والجمالي لمقالات الكتاب أوضح د. بركات مراد أن هذا الكتاب كاد يكون شعرًا لارتقاء صوره وتعبيراته الفنية لكن الأستاذ صاغه نثرا جسّد فيه معاني الإنسانية، وأرسل من خلاله رسائل احتضان متنوعة تفعل دور القدوة والعيش من أجل الآخرين، ولعل لفظة “الخدمة” التي يرودها الأستاذ ومحبوه تعبر عن هذه المعاني خير تعبير.
شهدت الندوة تفاعلاً حارًّا من قبل الحضور، وبادروا الأساتذة المحاضرين بأسئلة متنوعة، كشفت عن وعي حضاري راق لما احتواه الكتاب من رسائل نبيلة ورؤى حضارية مستشرفة.