إن غاية الإسلام هي نبذ العنف والتطرف وإلحاق الرحمة بالعالمين، وجعل مهمة الدعوة إلي الله عز وجل هي إنقاذ الناس من الفساد وسفك الدماء، كما جعل الإيمان والتدين ثمرة لقناعة الإنسان ودليلاً على حرية اختياره واحترام إرادته وتحقيق كرامته، ليأتي الإيمان اختيارًا وليس إكراهًا.
الله عز وجل جعل مهمة الرسالة الدعوة والمجادلة بالتي هي أحسن والبلاغ المبين، والإجبار والإكراه أمر يناقض النبوة
والله عز وجل جعل مهمة الرسالة الدعوة والمجادلة بالتي هي أحسن والبلاغ المبين، والإجبار والإكراه أمر يناقض النبوة، فحضارة الإسلام ظلت رائدة الحضارات الإنسانية واستطاعت خلال 80 عامًا امتلاك قمة حضارة تفوق حضارة الرومان، فالإسلام الحقيقي ينمي في نفس المسلم الخلق الرفيع والمودة والمحبة والتسامح، فهو دين اليسر وليس العسر، والخطاب الإلهي بالتكليف جاء وفق الاستطاعة، وما تكريم الله للإنسان إلا لحسن القيام بأعباء الاستخلاف الإنساني وتجسيد قيمة التعامل مع الآخر.
فالإسلام يرفض الغلو والتطرف، لذلك يمنح الإسلام الإنسان الحقوق والواجبات، فليس من حق أحد أن يعتدي على الآخر، فالدعوة في الإسلام إنما تكون بالحكمة والقدوة والأسوة الحسنة وبالحلم والأناة، ومن يدخل في الإسلام يكون على اقتناع.
وهنا يثور تساؤل لماذا يتحول البعض لممارسة العنف والإرهاب؟
التطرف هو مصطلح يستخدم للدلالة على كل ما يناقض الاعتدال. فمع تعدد مفاهيم التطرف والإرهاب إلا أن كلاهما يرتبط بالتعصب والانغلاق الفكري، فحين يفقد الإنسان أو الجماعة القدرة على تقبل أية معتقدات تختلف عن معتقداته فأنه يتحرك بتعصب، وجمود عقائدي وانغلاق عقلي، وتلك ظاهرة مريضة بكل معني الكلمة. فالمتطرف أو الإرهابي يتسم بانعدام القدرة على التأمل والتفكر وإعمال العقل، كما أنه يتحرك باندفاعية وجدانية وكراهية للآخر وتلك الكراهية مدمرة. والمتطرف يتحول من فكر أو سلوك مظهري إلي عمل سياسي، كما أن التطرف الديني قد يكون من إنسان متدين عادي.
إن أول مظاهر التطرف هو التعصب للرأي تعصبًا لا يقبل من الآخرين برأي، وجمود المتعصب لا يسمح له برؤية مقاصد الشريعة وملامح العصر.
فالإنسان دائمًا وجب عليه صلاح نفسه، وحتى مع تغيير المنكر في الإسلام يجب أن يكون بالرفق والحلم، حتى لا يعتدي علي حق من حقوق الله، والرسول صلي عليه الله وسلم قال لأصحابه عندما زجروا أعرابيًّا صلي الله عليه وسلم:” فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين”.(رواه البخاري). والإسلام ليس دين طائفة أو قوم أو جماعة وليس في الإسلام إرهاب فكري أو تعصب، ودعاة التطرف والعنف يخطئون في الوسائل، ويفتقدون الحكمة في نشر الدعوة بالفهم المغلوط للإسلام والتعسف في تطبيق أحكامه وكل أفعالهم توظف لصالح أعداء الإسلام وبهدف خلخلة حركة المجتمع المسلم؛ لأن أول مظاهر التطرف هو التعصب للرأي تعصبًا لا يقبل من الآخرين برأي، وجمود المتعصب لا يسمح له برؤية مقاصد الشريعة وملامح العصر، ولا يقبل الحوار لأنه يري نفسه أنه وحده على الحق، وما عداه على ضلال، ومن هنا يجيء التشدد والغلو والتطرف في الرأي وبخشونة التعامل مع الآخر، والمتطرف يستبيح الداء والأموال، والتطرف من نتيجته نشر التخلف والركود في حركة المجتمع ومرتبط بالتدهور الثقافي والفكري والعلمي والفني، ويقتل النمو والإبداع والابتكار؛ بسبب نشر الصراعات والعداءات.
إن الإسلام نظر للإنسان كأساس التغيير الحضاري فالإنسان بحاجة للنية الصادقة واقتناع وعزم القلب، فالإسلام يمثل دعوة لكل مسلم بالتحرك بثوابت العقيدة، وفي مستوي عصره فهمًا وحركة وإدراكًا لطبيعة المتغيرات المعاصرة والتحديات التي تواجه المجتمع المسلم، وضعف الحركة داخل المجتمع المسلم نما من تقصير أداء العقل المسلم، وحاضر المجتمع المسلم بحاجة للطريق الموصل لآفاق التنمية المستدامة، والصلاح بحاجة لبعد إعلامي جاد يحمل علي عاتقه هموم المجتمع المسلم ومشاكله ويخاطب أبناء المجتمع بكيفية التحرك بتأصيل القيم والفضائل، ومحاربة التطرف والغلو والأفكار المضللة، فالصراع اليوم صراع فكري وإعلامي، والإعلام هو المعبر عن روح المجتمع وخصائصه وضعفه وقوته وتأخره وتقدمه، والإعلام الذي يهتم بنشر القيم والأخلاقيات والسلوكيات يأخذ بيد المجتمع للرقي والتقدم في كل مجالات الحياة، فالإعلام المنشود هو الذي يعبر عن قيم العدل والحرية وسيادة القانون، ويحمل كل مشكلات المجتمع ويضع لها الحلول والأفكار الواقعية بصدق الرؤية والخبر والمعلومة، والكلمة الصادقة ضرورة حياتية، فالإسلام يدعو للصدق والقول السديد لمواجهة الأفكار المعوجة والأهواء المنحرفة، وإعلام النهوض هو القادر علي مواجهة التحديات والرؤى المتغيرة حتى لا يحدث الجمود والقطيعة، والحياة الإنسانية تتطلب تجديد السياسات المجتمعية.