استخلاف الله للإنسان على الأرض جعلت منه شغوفًا بمعرفة خواص الأشياء من حوله، فالمسيرة الطويلة لعلمي الكيمياء والفيزياء المليئة بجهود العلماء عبر القرون المختلفة أسفرت عن العديد من خواص المادة وطبيعتها، ولكن رغم هذا الجهد الكبير والمتراكم مازالت رقعة المجهول تتسع أمام العلماء، وكلما قطع العلماء شوطاً ظنوا أنّه الأخير في الإحاطة بالمادة وخواصها اندهشوا بعوالم جديدة تُظهر عظمة الله وقدّرته ودقّة صُنعه، وتكشف مدى جهل الإنسان بكثير من الأشياء من حوله.
في بدايات القرن الماضي كان اهتمام العلماء بالذرة كبيرًا ولم يكن في ذلك الوقت معرفه بما يسمى اليوم عالم “الجسيمات دون الذرية” التي يهتم بها علماء العصر الحديث، فعندما اكتشف العلماء الذرة ظنوا أنّهم وصلوا إلى مكونات المادة الأساسيّة، ولكن في السنين الماضية اتجهت البحوث إلى ما يسمي بالنموذج المعياري الذي يحوي العديد من الجسيمات دون الذرية التي لم يتم اكتشاف طبيعتها حتى اليوم.
والناظر إلى تطور معرفة المادة منذ عهد الفلاسفة الذين كانوا يعتقدون أنه يمكن تقسيم المادة باستمرار إلى وحدات متماثلة في الصغر بصفة لانهائية إلى حدود الذرة، وبتتبع ذلك الجهد حتى العصر الحديث الذي يتحدث عن مكونات مجهولة داخل الذرة يشعر بمدى قدرة الله وحكمته في إيداع الأسرار في المادة ومكوناتها.
الماء الكيميائي:
أحد أهم المواد التي شغلت الإنسان بتركيبها وخواصها، فهو أكثر المواد وجودًا على الأرض؛ بل يُعدّ كذلك أكثرها غرابة إذ لا تستطيع مادة على سطح الأرض، أن تحل محل الماء أو تقوم بدوره، كما لا توجد أي مادة معروفة حتى الآن لها خصائص مشابهة للماء. فالماء هو استثناء لكثير من قوانين الطبيعة، وذلك لخصائصه الفريدة تتكون جزيئات ذرات فيه؛ حيث يحتوي جزيء الماء الواحد على ثلاثة ذرات مرتبطة ببعضها ذرتي هيدروجين وذرة أكسجين.
هل سيحترق الماء؟
الماء ذلك المركب الكيميائي المميز بخواصه الكهربية، وتكون جزيء الماء من ذرتين هيدروجين وذرة أوكسجين يشكلون رابطة تساهمية، هذه الرابطة التساهمية وضع الله فيها سرًا عظيما فإذا كسرت هذه الرابطة فستفكك الهيدروجين من الأكسجين، وبالتالي ستتحول الماء إلى نار، لأن الهيدروجين غاز سريع الاشتعال والأكسجين يساعد على الاشتعال ولكن نظرًا إلى وجود الرابطة التساهمية داخل جزيء الماء، وترتيب ذراته المرتبطة بعضها ببعض، بشكل هندسي مائل، فإنه من الصعب تحلل جزيئات الماء. ويحتاج إلى طاقة عالية وإذا حدث وتفككت هذه الرابطة فستتحول كل المياه إلى نيران وبالتالي فإن قدرة الله في حفظ هذه الرابطة يجعلنا نحمد الله عز وجل ونسبحه على عظيم قدرته ودقة تنظيمه لهذا الكون، فهو وحده القادر أن يجعل أسباب الفناء هي نفسها أسباب الحياة.
هل ستنهار جزيئات الماء يومًا ما؟
عكف كثير من الفيزيائيين لدراسة الذرة وبعد جهود متواصلة لقرن أو يزيد أصبح مفهوم الذرة بشكله المشهور الذي يحتوي على نواة موجبة الشحنة، تحتوي على بروتونات ونيترونات وحولها إلكترونات سالبة الشحنة، تدور حول النواة في مدارات مختلفة. ولكن معلوم من قوانين الفيزياء الكلاسيكية بأنَّ الشحنات المختلفة تتجاذب والشحنات المتشابه تتنافر، وهذا يعني أنّ الإلكترونات ستنجذب نحو النواة وتسقط فيها، وهذا يعني فناء الذرة وبالتالي فناء المادة، وهذه المعضلة واجهت العالم الفيزيائي رذرفورد وكانت سببًا في فشل نموذجه الذري الذي أخفق في تفسير استقرار الذرة. ولكن الله عز وجل جعل في الذرة سرًا يجعلها في استقرار دائم وأنّ كل إلكترون له طاقة معينة ومسار معين لا يفارقه في حركة دؤوبة لا سكون فيها تجعل الذرة في حالة استقرار، ولولا قدرة الله لسقطت جميع الإلكترونات وانهارت الذرات وفنيت المادة وانهار الكون، وهنا أيضًا جعل الله سبب الفناء سبيلاً للحياة في دقة متناهية لا يعلم كنهها إلا هو سبحانه.
المادة ككائن حي:
في منتصف القرن الماضي اطلع العالم على خاصية جديدة في المواد حين وجد الأمريكي باكستر أن للنبات حاسة، وأنَّ بإمكانه قراءة الأفكار حيث قام بتوصيل جهاز كاشف الكذب بأوراق النبات ثم فكّر في حرق اوراق النبات، دون أن يُحضِر عود الثقاب فوجد أثر انفعالي عظيم من النبات، فصار ما يسمى “أثر باكستر” ومفاده أنّ النبات يمكنه قراءة الأفكار، ومما صح في السنة أنّ جذع شجرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقف عليه ليخاطب المسلمين في مسجده قد حنَّ وبكى وانتحب بصوت سمعه كل من بالمسجد عندما استبدله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمنبر.. فنزل رسول الله من على منبره واحتضن الجذع فسكت كما يسكت الطفل ثم أمر بوضعه أعلى المسجد تكريماً له ورأفة به.
الماء ككائن حي:
في كتابه الشهير “رسائل الماء” والذي طبع بـ23لغة وبيع منه مئات الملايين من النسخ اكتشف “ايموتو ماسارو” أنَّ الماء يشعر بما حوله، وذلك حينما قام بتجميد قطرات الماء بعد تعريضها لعبارات مختلفة ومن ثم درس تغير هيئة بلورة الماء وهي تحت التجميد بأجهزة دقيقة، فوجد رسائل خفية من الماء ووجد أن بلورة الماء بعدما كُبرت آلاف المرات تتغير وفق ما تسمعه من كلمات أو يكتب على الإناء الذي تحويه من عبارات. يقول الدكتور زغلول النجار عن الكتاب إنّه محاولة لإثبات شعور الماء بما حوله علميًّا وذلك بدراسة بلورات ثلج الماء ووجد من النتائج البحثية أنَّ الماء له قدرات عجيبة من الذاكرة والوعي والسمع والرؤية والإدراك، فهو يدرك ما حوله ويشعر به، ويستقبل منه الحديث المنطوق والكتابات المخطوطة والصور والمشاعر والأحاسيس والموسيقى الهادئة والصاخبة وغيرها من الأصوات ويتأثر بها إيجابًا وسلبًا، ويتفاعل مع مشاعر الإنسان توافقًا واختلافًا. ويمكنه تخزين الرسائل والمعلومات بما يوافق نظرية (ذاكرة الماء) والتي سبق أن وصل إليها الفرنسي “جاك جنيفسه”.