ها هي ذاهلة عن هذا العالم مرة أخرى، جلست الى جانبها سائلة: مالك شاردة من جديد؟
أجابتني وخيل إليّ أنها تحدث نفسها ولا تحادثني: “إني أبحث عنها، أبحث عن نفسي الحقيقية، أنا كما قلت لك من قبل، روح جاءت من السماء وسكنت هذا الجسد فسبق وعيه وعيي، وغلب سلطانه سلطاني، أبحث عن تلك الروح التي ترفض النوم بصمت في عالم النسيان، بين الحين والآخر تأرقني صرخاتها، تؤلمني آهاتها تذبحني أناتها، ترفض الرضا بواقع الفناء، تصبو للخلود، لا تقنع بمال ولا بجاه زائل، تحن للعودة إلى وطنها، تشتاق إلى سيدها، تناديني من الأعماق أن أستيقظ وأزيل الحجب!، تدعوني للرحيل إلى هناك، أحبها بكل ذرة في كياني، فهي أنا، لازلت أبحث عنها، أريد أن أعهد إليها بالقيادة حتى ترسو السفينة في مرفأ الأمان، عندما أجدها سأرتمي في أحضانها وأسند رأسي المثقل عليها وأنام إلى الأبد…”.
افترقنا وحديثها لازال يتردد في ذهني، أنا أيضا عليّ أن أبحث عن نفسي، أنا أيضا عليّ أن أنصت لصيحات نفسي الحقيقية التي رميتها في بئر عميق منذ زمن بعيد! فهل يا ترى سأجدها؟