التراث اليمني في ولاية كيرالا

يعتبر شعب الهند من الأمم صاحبة الحضارات القديمة، حيث ذكر المؤرخون أن حضارة الهند بدأت قبل الميلاد بنحو أربعة آلاف سنة في شواطئ نهر السند، التي هي أقرب مكان في الهند إلى كل من مصر وبابل وأشور واليونان فهي من البلاد ذات الحضارات القديمة، وكان لمجاورة كيرالا لكثير من البلاد سواء عن طريق البحر أو غيره تأثيرات متتابعة من البلاد الخارجية -العربية والغربية- وهذا التجاور الخارجي أنتج آثارًا خالدة من ثقافة كيرالا وتاريخها.

وصول الإسلام إلى كيرالا

يعتبر دخول الإسلام إلى كيرالا بدأ مع الملك شيرمان فرمال (Cheraman Perum) الذي ترك سلطنته بمليبار كيرالا، ورحل إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم مع تجار العرب واعتنق الإسلام وسمّي أبو بكر تاج الدين، فلبث هناك في المدينة فترة ثم خرج في جماعة من أصحابه ومعهم الصحابي الجليل مالك بن دينار قاصدًا بلده لدعوة الناس إلى الإسلام، ولكنه ابتلي بمرض شديد في الطريق مات على أثره، وكتب إلى أهله بمليبار كتابًا أوصاهم فيه أن يساعدوا من يدخل الإسلام في بلاده.

إنّ مساهمات علماء اليمنية في تطور اللغة العربية كان لها واقع الأثر في حضارة كيرالا؛ حيث تعتبر قبيلة الجفرية اليمنية من القبائل التي ساهمت في هذا الجانب.

فانتشر الإسلام سريعًا في كيرالا لما رأى الناس أخلاق الدعاة وما يدعو إليه الدين الإسلامي من فضائل الأعمال والخير، ثم بنيت المساجد من أقصاها إلى أقصاها، ومن أشهره هذه المساجد مسجد مالك بن دينار “بكاسركود” الذي سمّي على اسم الصحابي الجليل مالك بن دينار رضي الله عنه، وعلى ممرّ الأيام استضافت كيرالا كثيرًا من العلماء وأهل البيت من اليمن، وقد حظوا بمكانة كبيرة في نفوس المسلمين هناك فعينوا منهم قضاة ورؤساء.

الوراثة اليمنية في كيرالا

يؤكد التاريخ أن أحياء من الولاية كيرالا كانت لها علاقة تجارية مع البلدان الخارجية مثل اليمن، وأن هذه العلاقة منذ قرون عديدة أصبحت وسيلة لورود العلماء والمشايخ الدينية من السادات اليمنية، وبعد مرور ثمانية عشر قرن كان أكثر من سكن كيرالا من علماء الصوفية من السلسلة المحمدية من حضرموت، فأدى ذلك إلى نشوء ثقافة جديدة في كيرالا، وكان له تأثيرًا كبيرًا له في الدائرة الاجتماعية.

ولقد تم إنشاء الكتاتيب والمدارس الدينية وتعليم القرآن، وعقد دروس لتعليم الأطفال الأحكام الدينية في المساجد، ثم تطورت الحلقات بعد ذلك كمراكز للعلوم، ولقد كانت لهذه المدارس دورًا هامًا في تعليم المسلمين الجدد أمور الدين والإسلام، وانطلق منها علماء وأدباء دعاة إلى سائر البلاد المجاورة لنشر الإسلام، وألف عدد كثير من علمائها في اللغة العربية ومنهم القاضي أبو بكر بن رمضان، والشيخ زين الدين بن علي وغيرهم، وتعتبر “مكة مليبار” من أشهر المدارس والمراكز الإسلامية التي اهتمت باللغة العربية والعلوم الإسلامية والتي أسسها زين الدين بن علي في القرن السادس الهجري.
إنّ مساهمات علماء اليمنية في تطور اللغة العربية كان لها واقع الأثر في حضارة كيرالا؛ حيث تعتبر قبيلة الجفرية اليمنية من القبائل التي ساهمت في هذا الجانب.
ورغم التقاليد المختلفة الدينية فأهل كيرالا يتكلمون لغة مليالم، ولكن لصعوبة كتابة هذه اللغة دوّن المسلمون كتاباتهم بالحروف العربية، حيث عرفت فيما بعد هذه اللغة بلغة عربي مليالم، وكتب المسلمون بها العلوم الدينية والعلوم الابتدائية والأحوال الاجتماعية، ومن هذه اللغة تولد في كيرالا الأدب العربي نثرًا ونظمًا.