موازين كلية في اجتهاد التنزيل

هناك فرق بين الاجتهاد في الاستنباط العام، وبين اجتهاد التنزيل. عندما يُنَزَّل النص على الواقع، هناك فهم لهذا النص مطلقًا دون علاقة بزمان بعينه ومكان بعينه وإنسان ومجتمع بعينه، وهناك فهم لهذا النص وهو يتجه إلى مجتمع بعينه وزمان بعينه ومكان بعينه، والذي أرى أنه يفي بالمقصود في حدود المساحة المتاحة، هو الأسس الخمسة التالية:

1- تكبير الله ـ جل جلاله ـ ـ عز وجل ـ

المقصود من هذا الأساس، أن تكون التربية الإسلامية قائمة على أساس أكبرية الله ـ عز وجل ـ في القلوب، أي امتلاء قلب المؤمن بأكبرية الله ـ . وإذا امتلأ القلب بهذه الأكبرية، فإن ما سوى الله يصغر، يصغر كلُّ ما صغّره اللهُ، ويكبر كلُّ ما كبّر اللهُ، إلى جانب كونه هو الأكبر ـ سبحانه وتعالى ـ، فالأمور كلها تصير في علاقة مع الله.. هو الأكبر.. فلا يُخشى شيء إلا في علاقته بالله ـ عز وجل ـ؛ يُخشى من الذنب، يُخشى مما خَوّف الله منه.. فلا يُحَبّ شيء حبًّا كبيرًا إلا إذا أمر الله بحبّه: (قلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)(التوبة:24). فمقتضى أن الله أكبر، هو أن يُحَب أكثر من أي محبوب، ويُرهَب أكثر من أي مرهوب: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ)(التوبة:18)؛ لم يخش إلا الله وإلا ما عمر المسجد، إنما عمره بالشبح، ولا قيمة لهذا الشبح إلا إذا امتلأ بالإيمان، أي إذا كان عامرًا بأكبرية الله ـ عز وجل ـ.

إن الله ـ عز وجل ـ حين سوّى آدم قال: (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)(ص:71-72)، فالإنسان إذن مِن طين ومِن روح، والذي يؤثّر ويحرّك ويوجّه هو “الروح” لا الجسد، وكل الخصائص التي للجسد سببها “الروح”؛ فحين يموت الإنسان، تبقى العيون لكنها لا ترى ولا تبصر، تبقى الآذان لكنها لا تسمع، يبقى اللسان لكنه لا ينطق، يبقى العقل لكنه لا يفكر… يبقى الجسد كله لكن لا توجد فيه خاصية من خصائص الحياة، إذ يَرجِع إلى أصله، يتحلل كبقية الموجودات في هاته الأرض. الروح لا تفنى، وهذا يعني أننا روحًا خالدون وأجسادًا فانون، والموت إنما هو انفصال بين عنصرين التقيا قبلُ، ثم انفصلا بعدُ، ثم سيلتقيان بعدُ: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا)(غافر:11) كما يقول الظالمون لأنفسهم.

المسلم ليس شخصًا عاديًّا في هذا الكون، ولكنه لا يعرف معناه للأسف.. إن المسلمين ألفاظ لا تعرف معانيها؛ إذ المسلم موقعه الشهادة على الناس، والمسلم هو المنظِّم والموجه العام للبشر في الكرة الأرضية.. المفروض أنه هو الذي يسيّر العالم برشد، لأن الأمانة من المفروض أن تكون في يد هذا النوع من البشر، ولكن عندما غاب نُزعت منه الأمانة وسلِّطت عليه البلايا، ولا تزال تسلَّط حتى يراجع نفسه ويعود عبدًا لله حقًّا كما طُلب منه، لا يشرك به شيئًا. وذلك يقتضي تحقيق معنى “الله أكبر”، لأن العبد حين يُقبِل على ربه في الصلاة ويقول “الله أكبر”، يعلن إعلانًا واضحًا بأن ما سوى الله لا قيمة له بالنسبة إليه، وقد أحرم عليه وانقطع عن ما سواه ولن يعود إلى من سواه. فهذا التكبير هو أكبر لفظ يتكرر في الصلاة، والصلاة أيضًا هي أكبر ركن يتكرر في حياة المسلم. ومعنى ذلك أننا نكبر مع الله أشياء كثيرة.. وهذا المعنى لا يتقرر فينا بيسر، ولذلك يكرَّر علينا كثيرًا، ونذكَّر به كثيرًا ليستقر معنى تكبير الله ـ عز وجل ـ.

إن المسلم في هذا الكون هو الإنسان الشاهد: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)(البقرة:143)، بعد أن علم بحقيقة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)(العلق:1)، وبعد أن ترجم هذا العلمَ إلى عمل فمُلئ ذكرًا حتى وصل إلى درجة التوكل الكامل في فواتح المزمل. وتأتي فواتح المدثر لتعدّه للرسالة والإنذار، أي الشهادة على الناس؛ يكلَّف بالإصلاح بعد الصلاح. أول شرط وأول زاد هو: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ، قُمْ فَأَنْذِرْ ، وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ﴾(المدثر:1-3). لقد قُدِّم المفعول، وهذا يفيد الحصر، أي كأنه يقول: “وربَّك وحده فكبِّر، لأنك إن كبّرته وحده استطعت أن تنجز كل شيء لأنه معك. تكون ولاية الله لك تامة إن كانت عبوديتك له كاملة، وتكون نُصْرته لك تامة فتتصرف بقوة الله ـ عز وجل ـ.

إن المسلمين ما انتصروا بكثرة العدد، ولا انتصروا بكثرة العدة، وإنما انتصروا بولاية الله ـ عز وجل ـ لهم، إذ النصر لا يؤتى بالأسباب البشرية العادية وإن كان مطلوبًا إعداد هذه الأسباب: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)(الأنفال:60)، ولكن (وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(آل عمران:126)، إن شاء أنزله وإن شاء لم ينزله، وإنه ينزله على المؤهلين وإن كانوا قلة. هذه الحقيقة تجعل التربية الإسلامية في كل عصر ومصر، تنطلق أولاً من تدريب المربَّى -كبيرًا كان أم صغيرًا- على ترسيخ هذه الحقيقة في قلبه وجعلها مستقرة كل الاستقرار. أما السبيل إلى ذلك فطريقان كبيران، طريق التدبّر للقرآن، وطريق التفكّر في الأكوان. ولله درّ القائل بعبارة لطيفة جامعة في قرون خلت: “اِرْحلْ من الأكوان إلى المكوّن”. إذا نظرت إلى الشجرة لا تقف عندها ولكن انفذ إلى خالقها، إذا نظرت إلى الحيوان فتجاوزه إلى خالقه، إذا نظرت إلى الجماد إلى الشمس إلى القمر… تجاوز هذه الأشكال الخارجية إلى بارئها. وهذه الحقيقة لها اليوم أهمية كبيرة، إذ إن الذي يحبس نفسه بين الأسوار ويتجول بين مصنوعات البشر، ويفكر فيها اليوم وغدًا؛ يربطها بصانعها فيكبر عنده الإنسان. وهذا الغرور هو الذي داخل قديمًا فرعون، يومَ صنع له هامان ما صنع. وهذا الغرور هو الذي يداخل البشرية اليوم حين تنظر إلى نفسها، وتنظر إلى ظاهر العلم: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا  ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ)(النجم:29-30)؛ إنه علم السطوح، والأشكال، والأشباح، والظواهر… إن مؤمنًا بسيطًا قد قرأ شيئًا من كتاب الله وعرف دين الله، هو أعلم بكثير من “أنشتاين” وغيره، لأن علمهم لا يجاوز السطح، ولا يعرف من أين جاء هذا الكون، وإلى أين يصير، كما أنه لا يجاوز ذاته أيضًا.

الفضاء العلمي للمسلم، أفسح بكثير من فضاء العالم الكبير في أمور الدنيا، لأن أظهرَ حقيقةٍ وأصرحَها في هذا الكون هي خالق هذا الكون. وهل ظهر هذا الكون وحده؟ هل الكون بهذا النظام وبهذه العظمة ظهر وحده؟ (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لاَ يُوقِنُونَ)(الطور:35-36)؛ فأصرح حقيقة وأظهرها هي الله ـ عز وجل ـ، ولكنهم لا يعرفونها وهم جاهلون: (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)(الزمر:64). من لم يعلم اللهَ فهو أجهل الخلق على الإطلاق، لأنه لا يرى أصرح حقيقة في هذا الكون، كبرت وظهرت حتى ما عاد يراها، ويقال: “ومن شدة الخفاء الظهور”.

﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾(النمل:88)، انظر إلى الأرض: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اْلأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)(الملك:15)؛ الأرض تسير كالناقة الذلول تجعل راكبها في غاية الاستراحة، تجري لمستقرٍّ لها. كل شيء يطير في هذا الكون، لا شيء واقف، ونحن عوالم في نقطة صغيرة.. بالمكبرات تظهر عجائب وغرائب من كائنات فينا. وحسبك الذرة وما فيها من نيترونات وبروتونات والفضاء الموجود بينها. يقول العلماء: لو أزيل الفضاء الموجود بين النواة في الذرة وما يدور حولها من هذه النيترونات والبروتونات، لصارت الأرض في حجم البيضة. فهذه الأجسام التي نراها، كلها فضاءات.. نَظهَر كأننا ملتحمون، ولكن لو نُظر إلينا بمستوى عال من المكبرات، لَوجدَنا فضاءات خيالية يمكن أن تخترقها كائنات.

إذن ينبغي التفكر في هذا الكون: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ ، الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ)(آل عمران:190-191)، الذي يظن أن هذا الخلق باطل، يقول فيه الله ـ عز وجل ـ: ﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾(ص:27).

والقرآن عصارة الكون؛ عصارة قوانينه وعصارة نظامه، فينبغي أن يُتدبر بالليل والنهار، لذلك يجب أن يحمل في الصدر ليقام آناء الليل وأطراف النهار لتدبُّره: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)(ص:29)، إنما أُخرج هذا الكتاب أساسًا ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. هدفه واضح: (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(المائدة:15-16). وليصل العبد إلى ذلك الهدف الواضح، يجب أن يتدبر هذا القرآن، وقد أُنزل لهذا التدبر، وأنكر علينا ألا نتدبّره: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)(محمد:24). الطريق في غاية الوضوح؛ إذا تدبّرنا هذا الكتاب، أفضى بنا إلى تكبير الله ـ عز وجل ـ، وإذا تفكرنا في هذا الكون، أفضى بنا إلى تكبير الله ـ عز وجل ـ، بحيث نرى أن الله ـ عز وجل ـ هو كل شيء، وبيده كل شيء، وإليه يصير كل شيء، ولا يمكن لأحد أن يفعل شيئًا دون إذنه: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللهُ)(الإنسان:30).

فلا يظننّ ظانٌّ أن المُلك بيد كائن من الكائنات، إنما الملك لله وحده. في الحديث الشريف يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “إن الله -ـ عز وجل ـ- يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن يحب” (رواه أحمد)، (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ، كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاَءِ وَهَؤُلاَءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا)(الإسراء:18-20). من أراد أن يكون عبدًا صالحًا، فالله ـ سبحانه وتعالى ـ يوصله بإذنه إلى تلك المنزلة: (إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)(الأنفال:70).

الله ـ سبحانه وتعالى ـ يحب المسلمين، لذلك يسلط عليهم البلايا، وفي الحديث الصحيح: “من يُرِد الله به خيرًا يُفَقّهه في الدين” (رواه البخاري)، وفي حديث آخر: “من يُرِد الله به خيرًا يُصِبْ منه” (رواه البيهقي)؛ أي ينزل عليه المصائب فتكفِّر عنه الخطايا فيطيب فتستقبله الملائكة: ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾(الزمر:73). وفي حديث آخر يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة” (رواه البخاري)، وهذا البلاء في هذا الحديث فردي. وهناك البلاء الجماعي الذي نعيشه اليوم هو بلاء العقوبة، حيث هناك بلاء الترقية، وبلاء التنقية، وبلاء التطهير، وبلاء التزكية… فهذه البلايا التي تنزل بالأمة اليوم، كأنها مبشرات بين يدي رحمته: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ﴾(الأعراف:57). ما الذي يسرّع بعد فضل الله استفادة الأرض من الغيث؟ إنه التعجيل بالتوبة النصوح على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي. كما أن الجماعة تتكون من أفراد، والتوبة على مستوى الأفراد تنتهي بنا إلى التوبة على مستوى الجماعات وعلى مستوى الأمة إن شاء الله تعالى. قياس درجة التحقق هي إيثار ما يرضي الله ـ عز وجل ـ. كيف نعرف أن هذه الخاصية في التربية تمكنت منّا؟ كل واحد يستطيع أن يعرف معبوده بيسر كالطريقة التي يعرف بها مدى ارتفاع السكر في الجسم. هل نحن نعبد الله حقًّا أم نعبد سواه؟ هذا أمر سهل في مكنة أي فرد؛ عندما تتعارض المصلحة الشرعية -هو الأرضى لله- مع أمر ليس فيه رضى الله، بل فيه سخط الله، ذلك يعني أنك كبّرت على الله ما سواه، هل هو المال؟ هل هو الجاه؟  يقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “ما ذئبانِ جائعانِ أُرسِلا في غَنَمٍ بأَفْسَدَ لها من حِرْصِ المرءِ على المال والشَّرَف لدينه” (رواه الترمذي)؛ الذئب لا يأكل ما قتل، إلا بعد أن يستريح من قتل أكبر عدد من الغنم، هذه خاصية في الذئب، إذ لا يُفهم هذا الحديث بغير معرفة هذه الخاصية في الذئب. هناك من يعطي المالَ من أجل الجاه فمعبوده الأساسي هو الجاه، وإذا ضحّى بالجاه من أجل الحصول على المال فمعبوده الأساسي هو المال، والذي يترجح على ما سواه هو المعبود الحق، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “فواللهِ ما الفَقْرَ أخشى عليكمْ ولكني أخشى عليكمْ أنْ تُبْسَطَ الدنيا عليكم كما بُسِطَتْ على مَنْ كان قبلكمْ فَتَنافَسُوها كما تنافَسُوها فَتُهْلكَكم كما أهلكَتْهم” (رواه مسلم).

ولكن ما قصة هذا الغثاء اليوم؟ ما قصة مليار وثلاثمائة مليون من المسلمين؟ إن الداء الذي سماه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بـ”الوهن”، أصابهم، فقيل له ما الوهن يا رسول الله؟ قال: “حب الدنيا وكراهية الموت” (رواه أبو داود).

العبد في سبيل أمر دنيوي، يُنفق بلا حساب، ولكنه في سبيل أمر أخروي لا يكاد ينفق شيئًا. متى يظهر فينا أمثال أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ ، يأتون بأموالهم كلها في سبيل الله أو بنصف أموالهم، ومتى يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما، ومتى نكبّر الله.. أو بتعبير آخر، متى وجدنا في أنفسنا وفي أولادنا ترجيحًا لما فيه رضى الله على ما ليس فيه رضى الله، فلنعلم أن هاته الصفة قد استقرت، ومتى لم نجد ذلك فلنعلم أنها لم تستقر بعدُ، وهي صفة لا تتأثر بزمان ولا بمكان ولا بإنسان. هذه الصفة هي الأساس، وهي في علاقتها بهذه الأركان كعلاقة “لا إله إلا الله محمد رسول الله” ببقية الأركان، وكل شيء يتأسس على هذه الخاصية.

2- اتباع هدى الله ـ عز وجل ـ

أين يوجد هدى الله؟ يوجد في الوحي، في كتاب الله ـ عز وجل ـ وفي سنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصحيحة، وإن هي إلا بيان للقرآن: (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)(القيامة:18-19)، وقد كلّف نبيّه ببيانه: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾(النحل:44)؛ وظيفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ البيان، وحياته كانت بيانًا باللفظ وبالفعل وبالإقرار، لا يُقِرُّ أحدًا على الخطأ، هذه خلاصة السنة؛ فالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيّن القرآن وكان خلُقه القرآن.

ما المقصود بالهدى؟ دلالته الإرشاد بصفة عامة، وهو مثل الضوء ينير الطريق: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(الإسراء:9). ومعلوم أن أخصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، وهذا أقوم طريق، فيه معنى “الله أكبر” أيضًا، أي أن هدى الله أكبر: (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى)(البقرة:120)، (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(البقرة:135)؛ الهدى محصور هاهنا، ولكن لا استفادة من هذا الهدى دون الوسائل التي تمكّن من تحقيقه.

إذن ما وسيلة تحقيق هذا الهدى؟ عندما نقول “الهدى” نقصد الهدى في الأمور الفردية الذي يتعلق بالأحكام الفقهية التطبيقية التفصيلية، أي تعرف كيف تتوضأ، وكيف تصلّي، وكيف تزكّي، كيف تمارس حياتك… تعرف أن معرفة الحكم الشرعي في العمل الشخصي يُعتبر فرضَ عينٍ لا فرضَ كفايةٍ. والمعلومات الأخرى العادية التي تتعلق بمهن الآخرين وحِرَفهم، في حقك تُعتبر فرْض كفاية، وفي حقهم تُعتبر فرض عين. فيوجد الهدى في هذه الفروض العينية وفي الفروض الكفائية وفي النوافل والمندوبات والمستحبات… كما أن هناك هدى أكبر وأعم من هذا الهدى، حيث ينشئه ويؤطره ويرشد إليه، وهو الهدى التصوري العام، الهدى العقدي في اصطلاح تاريخ العقيدة، وإلا فالأمر يتعلق بمضمون “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، ومضمون “لا إله إلا الله” إخلاص العبودية لله ـ سبحانه وتعالى ـ، لأن الإله في اللغة العربية هو المتعلَّق به رغبة أو رهبة، فأَلِهَ الطفلُ أمَّه: تعلق بها أشد التعلق، ومنه الوَلَهُ كذلك. فالذي يجب أن يتعلق به رهبة ورغبة، هو الله ـ عز وجل ـ، ومن ثم ينبغي إزالة الشوائب، حيث لا يبقى في الشيء غير ما هو الأصل. إذا أخلصت الذهب بوضعه على النار، أي فتنتَه، فَتَنَ الذهبَ في النار، أي وضعه في النار لإزالة الشوائب منه، أي ليخلص. وهذا يعني أن الإخلاص هو إخلاص العبودية لله، أي إزالة جميع شوائب الشرك وهو مقتضى “لا إله إلا الله”.

إذن، لتحقيق معنى اتباع هدى الله على مستوى التصور العام، ينبغي على العبد التفكّر والتدبر وفق هدى الله ـ سبحانه وتعالى ـ، أي يُستنبط الهدى في كل ذلك من القرآن والسنة. فأسلمة العلوم تدخل في هذا الإطار، وهي من اتباع هدى الله الذي يجب تربية العبد عليه كان كبيرًا أم صغيرًا، والطريق إلى ذلك قَرْن العلم بالعمل. لا يعدّ العلم علمًا ما لم يصحبه عمل؛ فعندما لا نجد أثر العلم في حامل العلم، فهو من نوع: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ)(الجمعة:5)، ومسؤوليته خطيرة.

فالعلم يهتف بالعمل، فإذا لم يجده ارتحل: (إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)(فاطر:28). فحين لا نجد خشية تصحب العلم، فاعلم أن العلم غير موجود؛ العلم بمعناه الشرعي غير موجود. فاقتران العلم بالعمل، يذهب بنا في القياس إلى أن ننظر من جهة حصول الهداية والاهتداء، ولذلك نطلب سبعة عشر مرة في كل يوم إجباريًّا شيئًا واحدًا، ما هو؟ (اِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)(الفاتحة:6)، ما الجواب؟ (الم ، ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة:1-2)؛ بمعنى؛ اتق الله تهتدي، واتبع ما جاءك من عند الله: (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ)(المائدة:16). ومن لم يتبع لا يُهدى أبدًا. إذن نقيس هذه الصفة في حصول الاهتداء.

3- تقديم الفرائض على النوافل

في الحديث القدسي الصحيح يقول الله ـ عز وجل ـ: “من عادى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحرب، وما تَقرَّبَ إليّ عبدي بشيء أحبَّ إليّ مما افترضتُه عليه” (رواه البخاري). والفرائض، فيها فرائض الفعل كالصلاة والزكاة والصيام… وفيها فرائض الترك كترك الخمر والزنا والرِّبا وعقوق الوالدين… “وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه” (رواه البخاري). إذن الطريق معبّد لمن يريد الوصول، ولكن يجب الاتباع والسير في هذا الطريق وفق نظام هو عبارة عن سلّم للأولويات، والطفرة قد تؤدي بك إلى الحفرة. نظام الأولويات في هذا الدين في غاية الأهمية وهو جزء من اتباع هدى الله، لأن كثيرًا من صور الخلل في تاريخنا وفي واقعنا، ترجع أساسًا إلى التشوه الواقع في أولويات هذا الدين. هناك من غلظ أنف هذا الدين، وهناك من غَلَّظ يدَه اليمنى، وهناك من غَلَّظ يدَه اليسرى، هناك من غَلَّظ الجِذْع فشوَّه خِلقة الدين… للدين نظام؛ الزمن يُقسَّم بطريقة معينة، عندما لا تجد عبادة مفروضة بين الصبح والظهر -على سبيل المثال- فاعلم علم اليقين أن ذاك وقت الكسب ووقت العمل، وليس وقت النوم، وليس حتى وقت الصلاة. وعندما تجد أوقات الصلاة تتقارب، فاعلم أن الأمر يتجه وجهة أخرى، وتنظيمها على نظام معيّن؛ العشاء في وقت الشفق، وفي السُّنّة يكره الكلام في غير ذكر الله ـ عز وجل ـ بعد صلاة العشاء، “اللهم بارك لأمتي في بكورها” (رواه الترمدي). لابد أن ندخل في النظام العام حسب ما نظمه الإسلام، في نظام الزمان ونظام المكان ونظام الإنسان والتجمعات الإنسانية… النظام الذي يقدَّم ويؤخَّر وهو جزء من الهدى.

المقصود إذن من هذا الأساس الثالث، هو التزام نظام الأولويات. كذلك في الجانب المتغير هناك ما يسمى عند العلماء بـ”واجب الوقت”؛ لنفترض أن الصلاة بقي لها ركعة وسيخرج وقتها، وأنت بصدد أن تكبّر رأيت في تلك اللحظة أعمى على أبواب حفرة سيسقط فيها ويهلك، فواجب عليك أن تقدِّم هذا الواجب الأول -أي إنقاذ هذا الأعمى- على تأدية الصلاة مع أنها واجبة أساسًا. هذا يسمى لدى العلماء بـ”واجب الوقت”، أي الواجب المتغير. معرفة النظام العام يسهّل السير. ونسترشد بكلمة جامعة هي من وصية أبي بكر لعمر  قال له: “واعلم أن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدَّى الفريضة”. فلننظر في أعمالنا وممارستنا، فطريقة قياس هذه الصفة هي إيثار الأهم في ميزان الله لا في ميزاننا، لأننا إذا قدّمنا الأهم في ميزاننا نكون قد أخللنا بالأساس الأول الذي هو تكبير الله. لابد إذن، أن نجعل أمورنا سائرة وفق هذه الأسس التي يتفرع بعضها عن بعض، فإيثار الأهم في ميزان الله يعطينا طريقة لقياس هذا الأساس.

4- الإحسان في كل شيء

المسلم محسن: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، ولْيَحُدّ أحدُكم شَفْرتَه وليُرِحْ ذَبيحتَه” (رواه مسلم)؛ الإحسان معناه أساسًا “الإتقان”، و”إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه” (رواه الطبراني)، أي إذا عملنا عملاً، أخرويًّا كان أم دنيويًّا، يتعلق بأمر المعاد أم بأمر المعاش، فيجب أن نتقنه وأن نحسن فيه، وهذا يعني أننا سنستريح من الغش، وفي الحديث الشريف يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “مَنْ غَشَّنا فليس منّا” (رواه مسلم)، إشارة إلى أنه لا يقبل من المسلم الغشَّ مع أيّ كان. لماذا؟ لأن الدين النصيحة، والنصيحة في العربية تعني: بذل أقصى الجهد كي يحسن. فالدين النصيحة، والدين الإحسان، والدين الإتقان… إذا نظرنا إلى أحوال المسلمين اليوم -كبارهم وصغارهم- فماذا نجد في الصناعات، وفي المعاملات، وكذلك في أمور العبادات، سنجد أن الغش متمكن منّا.

ورد في الحديث الشريف: “إنما يُكتب للعبد من صلاته ما عقل منها” (رواه أبو داود). لماذا؟ لأن أساس الصلاة ذكر الله: (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي)(طه:14).

الصلاة أيضًا نَغُشّ فيها، لا نؤديها كما أراد الله ـ عز وجل ـ أداء حقيقيًّا بالتركيز اللازم، ومن أهدافها تركيز الانتباه للخروج من حال إلى حال. الإحسان مطلوب، ووسيلته أن نعمل لله على عين الله كما وضع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ معنى الإحسان: “أن تعبد الله كأنك تراه”، يستحيي أو يخاف، أما حين يغفل عن الله “الشيطان جاثم على قلب ابن آدم، إذا ذكر اللهَ خَنَس وإذا غفل وسوس” (رواه البخاري).

فعلامة هذا الأمر أيضًا، هو القبول في الأرض، الذي يأتي نتيجة المحبة. ورد في الحديث الصحيح: “إن الله تعالى ينادي جبريل: يا جبريل إني أحب فلانًا فأحبه، فينادي جبريل في الملائكة أن الله يحب فلانًا فأحِبّوه، فيوضَع له القبول في الأرض”.

5- الاستعداد للجهاد

الجهاد بالأموال والأنفس في سبيل الله، بمعنى أن نبذل أقصى الجهد لتكون كلمة الله هي العليا، وهي صفة أساسية ينبغي أن نربي عليها أنفسنا. ولا يجوز شرعًا ألا نبذل هذا البذل: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ)(التوبة:24). وهي الكلمة التي قالها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمر ـ رضي الله عنه ـ عندما قال له: أحبك يا رسول الله أكثر من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “لا، حتى أكون أحب إليك من نفسك”، أي أن تحب الوحي، تحب الكتاب والسنة، قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : أنت الآن أحب إليّ من نفسي، قال له ـ صلى الله عليه وسلم ـ: “الآن يا عمر” (رواه البخاري). وعلامة هذه المحبة، استرخاص ما آتانا الله فيما يرضي الله، والتدريب على ذلك في أعمال البر، المالية والبدنية باستمرار، وعلامة تحقق ذلك هي المسارعة المستمرة إلى التطوعات في الخيرات.

وأخيرًا يقول الله تعالى: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ)(مريم:12)، وقال تعالى لبني إسرائيل: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ)(البقرة:63)؛ لأنك إذا لم تأخذ الكتاب بقوة، لن تستطيع حمله، ولن تستطيع البلوغ… إذن لابد من أخذ الكتاب بقوة، فالله سبحانه يقول: (يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ)(الأعراف:170)، ولم يقل: “يَمْسِكون الكتاب”.

(*) الأمين العام لمؤسسة البحوث والدراسات العلمية “مبدع” / المغرب.