عدد مميز يستهل بالحرّية ويختتم بأنين الروح، وما بين براعة الاستهلال وحسن الخاتمة تصفف قافلة المقالات نفسها، فتعالج أمراض البدن في مقال: “الزهايمر والعودة إلى الوراء” لسريعة سليم حديد، وتتناول طريقًا من طرق تناول الدواء، له فعالية في التداوي ومرجعية في السنة النبوية وهو “السعوط في السنة والطب الحديث” لنيروز بن زقوطة، وتلم بالجائحة التي أصابت العالم من كذا طريقًا، فتقدم الإرشادات “لكل من يبحث عن علاج كورونا” لسينام أقبولاق، وتستنبط العبر في “كورونا.. دروس وعبر” للشريف حاتم العوني.. وبذلك تقدم وصفة متكاملة تتعلق بالواقع وتستشرف المستقبل، وتمزج بين الفكر والعلوم في توليفة عجيبة تتوخاها حراء في خطها دائمًا.

وتتابع قافلة العلوم رحلتها فيقدم نبيل سليم رؤية في “قراءة الدماغ والتنبؤ بالسلوك المستقبلي”، وتتساءل عواطف كركيش في “أنسنة الحاسب الكبسولة” هل سيتمكن العلم من أنسنة الحواسيب من خلال الربط بينها وبين المخ البشرى بشكل عضوي؟ ويفسر لنا محمد السقا عيد في “الخداع البصري” كثيرًا من الخدع البصرية التي تتراءى للعين ويظنها الإنسان حقيقة، ويكشف لنا ناصر أحمد سنه في إطار فكري عن “الأوهام العشرة للعلم الحديث”.

وتتهادى قافلة المجلة بين محطات التربية والفكر والأنشطة الثقافية، وهي بين ذلك تحدو رحلها، وتستروح قارئها في دوحة الأدب وأفانينه؛ ففي التربية يقدم سليمان أحمد شيخ سليمان أولى حلقاته في “ما قبل التربية”، ويبرز أحمد تمام سليمان أهمية “غرس القيم في ديوان صغير يرى العالم”، ويرينا بركات محمد مراد العلاقة الإيجابية بين “الطفل والقراءة الإبداعية”.. وفي الفكر يصف الأستاذ كولن “داء الإلحاد” ويكشف عن “دوائه”، ويستدعي أسعد النوبي “حجر الفلاسفة وتابوت العهد” من الأساطير والحكايات الخيالية إلى عالم الواقع، ويرينا موقع كل منهما في العالَمين، ويشرح عبد القادر جابر في مقاله إلى أي مدى يرسخ “الأمن الفكري أمان المجتمع واستقرار الحياة”.. أما عبد الواحد أبو حطب الذي تألق مديرًا لندوة حراء، فقد واصل تألقه في عرضها للقراء في هذا العدد، حيث استضافت الندوة نخبة من المثقفين ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، لتعميق البحث والحوار حول قضايا المشترك الإنساني، وهو بالمناسبة اسم لآخر كتاب صدر عن مكتبة حراء.

وفي واحة الأدب تطالعنا ألوان وظلال في أغلفة المجلة ببدع الأفكار وروائع الأشعار، ويطربنا العربي السيد عمران في قصيدة “بشارة”، وتذيقنا سمر فتحي السيد “طعم النور” في قصتها المبدعة.

وعود على بدء يترنم الأستاذ كولن بنشيد “الحرية” في مقاله الافتتاحي، مبينًا صور هذه الحرية وطرائق الإنسانية في فهمها، ومنبهًا على ضرورة الانضباط في ممارستها حتى لا تواجهنا الأجيال بردة فعل عنيفة تصل إلى حد جلد أسلافها في بعض الأحايين.. ويختتم صابر عبد الفتاح المشرفي العدد بعرض كتاب صدر جديدًا بعنوان “أنين الروح” وهو نفحة جديدة من نفحات الأستاذ كولن التي نقلت إلى العربية.