هناك مثل شائع يقول “إن العين عليها حارس”، ولكن في الحقيقة العين عليها عدة حرَّاس وليس حارس واحد، يقومون بحمايتها والحفاظ عليها من كل أذى. فكون العين كروية الشكل فإن موقعها الغائر في كهف عظمي “المحجر” يحميها من الأذى، كما أن مقلة العين ذاتها ترقد على وسادة دهنية تقيها شر الصدمات الموجهة للرأس، أما سطحها المكشوف فتحميه الأجفان التي هي خط الدفاع الأول ضد أي هجوم على العين من الأجسام الغريبة كالأتربة أو الرمال، فإذا شعر الشخص باقتراب أي جسم غريب من عينيه، أُغلقت الأجفان بحركة لا إرادية، وبقيت الأتربة معلقة على الرموش التي هي بمثابة المصفاة للعين، فإذا غسلنا الأجفان جيدًا وتخلصنا من الأتربة، بقيت العين سالمة.

تنقسم مقلة العين من الداخل -بشكل عام- إلى قسمين: قسم أمامي صغير اسمه “الغرفة الأمامية”؛ ويحتوى على سائل مائي رقيق صاف يسمى بـ”السائل المائي”، وقسم خلفي رئيسي يحتوي على مادة هلامية تسمى بـ”السائل الزجاجي”.

شكل العين

العين مستديرة الشكل كالكرة، وهي مطاطة بحيث إذا بعجتها إلى الداخل فسرعان ما تعود إلى حالتها الطبيعية الأولى، لكنها تختلف عن الكرة في أن المحتويات الداخلية للعين سائلة وليست غازية، وأن الجزء الأمامي من جدار العين والقرنية، شفاف يسمح بدخول النور والمرئيات، كما أنه يستطيع أن يشف ما وراءه داخل العين، مثل زجاج الساعة الشفاف الذي نستطيع أن نرى ما وراءه بوضوح. وبالتالي إن العين تستطيع أن تدور داخل محجرها دوارنًا محدودًا بفعل ست عضلات تستمد أعصابها من المخ، وانسجام حركة هذه العضلات مع بعضها، له أهمية قصوى لتجنب ازدواج المرئيات، كما تتصل العين بالمخ عن طريق العصب البصري.

تركيب العين من الداخل

تنقسم مقلة العين من الداخل -بشكل عام- إلى قسمين: قسم أمامي صغير اسمه “الغرفة الأمامية”؛ ويحتوى على سائل مائي رقيق صاف يسمى بـ”السائل المائي”، وقسم خلفي رئيسي يحتوي على مادة هلامية تسمى بـ”السائل الزجاجي”. ويوجد في العين النسيج الشفاف الوحيد في جسم الإنسان وهو “القرنية”، وهي نافذة العين الأمامية التي يتحتم على كل الأشعة الضوئية الداخلة إلى العين أن تنفذ منها. أما العدسة فتقع خلف القرنية بمسافة قصيرة ويفصلها عنها السائل المائي، ويحجب العدسة حجبًا جزئيًا حاجز يسمى “القزحية”، وهي ذلك القرص الملون الذي نراه في عيوننا، وتتحكم القزحية في اتساع الفتحة التي ينفذ منها الضوء إلى العدسة.

أما إنسان العين فهو تلك الفتحة التي تظهر كبقعة مستديرة سوداء في مركز القزحية، ويتغير اتساعها نتيجة قوة الضوء وضعفه. والشبكية تبطن كرة العين من الداخل، ويقابلها في آلة التصوير -التي نستعملها في تصوير الأشياء- الفيلم الحساس، ولكن الصورة لا تلتصق بها، بل ترتد بسرعة هائلة في الاتجاه العكسي، وبذلك يرى الإنسان صورًا جديدة متلاحقة باستمرار. وإذا أردنا أن نبسط الأمور لمعرفة تركيب العين لَقُلنا إن لمقلة العين ثلاثة أغلفة: الغلاف الخارجي وهو عبارة عن القرنية من الأمام وامتدادها هو الملتحمة من الخلف.. والصلبة.. والقزحية، والجسم الهدبي من أمام، وامتدادهما المشيمة من الخلف.

كيف ترى العين؟

من روعة إعجاز الخالق عز وجل عندما ننظر إلى شيء ما، يدخل الضوء المنعكس من هذا الشيء إلى عدسة العين بسرعة فائقة مذهلة تتعدى 15 ترليونات فوتون من الجزئيات الضوئية في الثانية الواحدة، ثم يمر عبر العدسة الذي تملأ كرة العين، إلى الشبكية التي تحتوي على أكثر من 500 مليون خلية بصرية في طبقة واحدة من طبقاتها، لتميز الضوء عن الظلام وتعكس الألوان، ثم تخزن الصورة وتحوِّلها إلى نبضات كهربائية دقيقة تنتقل إلى الدماغ عن طريق الألياف البصرية التي يقدر عددها 800 ألف ليف عصبي، وفي الدماغ يتم تكوين الصورة النهائية وإدراكها في عملية تسمى “الرؤية”. فنحن نرى بأعيننا ولكن الرؤية لا تتم إلا في الدماغ.

إن العين تستطيع أن تدور داخل محجرها دوارنًا محدودًا بفعل ست عضلات تستمد أعصابها من المخ، وانسجام حركة هذه العضلات مع بعضها، له أهمية قصوى لتجنب ازدواج المرئيات، كما تتصل العين بالمخ عن طريق العصب البصري.

ومن صور الإعجاز الإلهي في خلق العين، أن الخالق عز وجل جعل العينين في مقدمة الرأس، وذلك يجعل الرؤية المكانية ثلاثية الأبعاد أكثر دقة وتميزًا مما لو كان موضعها على جانبي الرأس، مثل معظم الحيوانات. ومن صور الأعجاز الإلهي في هذه الجوهرة الثمينة، أنها تستطيع فك شفرة مشهد مكوَّن من ملايين المعلومات، وتميز بين ما يزيد عن 10 ملايين لونًا مختلفًا في أقل من ثانية واحدة بسرعة 600 بت في الثانية الواحدة، و”البت” هو أصغر وحدة قياس لتخزين المعلومات في الحاسوب، وهذه السرعة المذهلة تكون بالألوان وبدقة متناهية فائقة، معجزة تقدر بـ575 ميجا بيكسل؛ أي أكثر من 50 ضعفًا من أحدث عدسات الكاميرات الرقمية في العالم، بالرغم من أن وزنها لا يتعدى 8 جرامات، وحجمها في المعدل 25 مليمترًا.

ومن صور الإعجاز في خلق العين نجد أنه من أجل نقاء وصفاء الصورة التي تنقل إلى الدماغ، جعل الخالق عز وجل القرنية التي نرى من خلالها الأشياء، شفافة تمامًا لكيلا تشوش الصورة على الإنسان، ولذلك نجدها تخلو من أي أوعية دموية على خلاف كل أنسجة الجسم دون استثناء، وجعلها تأخذ ما تحتاج إليه من أكسجين وغذاء من خلط الماء الذي تفرزه الأنسجة المجاورة خاصة الأهداب. بل من بديع خلق العين، أن ليس هناك عين مثل الأخرى بين بلايين البشر، ولذلك تعد بصمة قزحية العين أفضل طريقة للتأكد من هوية الأشخاص في أقل فترة (ثانية واحدة) بكاميرات مخصصة ذات دقة عالية، وبدون شعور الشخص بأنه يتم قراءة بصمة عينيه.

هل لرؤية العين حدود؟

إن للعين حدودًا معينة للرؤية؛ فهي تستطيع أن ترى الأشياء التي تتراوح موجاتها ما بين 400 إلى 700 نانوميتر، ولا ترى الموجات ما فوق ذلك وما تحت هذه الترددات، مثل أشعة إكس، وأشعة جاما، والأشعة فوق البنفسجية، والأشعة تحت الحمراء، وأشعة الرادار، وكلها لها تطبيقاتها على نطاق واسع في حياتنا، ولكن لا نراها بالعين المجردة.

(*) كاتب وباحث مصري.