في الماء ولا يتبلل

كثيرًا ما نشاهد على شاشة التلفاز أفلامًا وثائقية مثيرة عن عالم الحيوان، ونرى الدورَ الذي تقوم به هذه الحيوانات في التوازن البيئي والطبيعي… نشاهد الطيور -على سبيل المثال- التي تغوص في البحار لتلتقط بمنقارها سمكة أو سمكتين ثم لتنطلق من تحت الماء نحو الأجواء بقوة وتواصل طيرانها محلّقة في الهواء وكأن ما قامت به شيء طبيعي عادي! مشهد مثير ، ولكن هل فكرتَ يومًا بالسبب الذي يشجع هذا الطائر بريشه الناعم على القيام بهذه العملية الخطيرة تحت الماء دون أن يخشى الغرق والموت؟!
قام باحثون في عالم الحيوان بدراسة هذا الأمر ليعرفوا السر الكامن فيه. أجروا بحوثهم على طائر الفرقاطة، والنورس، والرفراف، وبط الغطاس، وغيرها من الطيور… وعندما اكتشفوا الحقيقة وقفوا مذهولين مندهشين؛ إذ وجدوا أن هذه المخلوقات مكسوة بريش غير قابل للبلل، أو بالأحرى بريش مغلّف بدهن يمنع نفوذ الماء إليه؛ يتم إنتاجه من خلال غدد وُضعتْ تحت ذيولها لتفرز مادة دهنية أو زيتية باستمرار… حيث يقوم الطائر بالادّهان من هذه المادة وفرْك ريشه بها مستخدمًا منقاره أو رجليه. وبذلك يتمكن من الحصول على معطف ريشي طبيعي لا يتأثر من الماء مهما ابتلّ. وقد يوفر هذا الريش المدهون لهذا الطائر، قدرة السباحة بسرعة ومرونة، ويمكّنه من الغطس تحت الماء لمسافات عميقة لاصطياد فريسته من الأسماك. ومن جهة أخرى فإن وجود هذه الخاصية في هذه الطيور تساعد على الحفاظ على بريق الريش واصطفافه حتى وإنْ انسكبت الماء عليه بغزارة.
لا شك أن طريق الإنسان في تحصيل العلم طويلة، ويبدو أنه سيظل يحاكي غيره من الكائنات ليكتشف الأسرار المخفية فيها مدى الحياة.