فكر الجمال وإجمالية الفكر

في مفتتح هذا العدد من “حراء” يطالعنا مقال الأستاذ “فتح الله كولن” والمعنون “نظرة إجمالية إلى الإسلام”. فيحاول الأستاذ في هذا المقال أن يجمل كبرى الأفكار الإسلامية، وأن يشير إليها إشارات مقتضبة ولكنها مفصحة، ثم يترك للقارئ الكريم فرصة للتعرف على المزيد من هذه الأفكار والمفاهيم في مظانها من كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام، أما مقاله الآخر “السلوك وفتح القلوب”، فهو قمة من قمم الفتح القرآني الذي يصعب على غير الأستاذ التعبير عنه. وأما بركات محمد مراد -مع حفظ الألقاب العلمية- فيحاول التوكيد على أن مضامين الإسلام التربوية، تتجاوز الإنسان المسلم إلى بيئته التي يعيش فيها، فيترك عليها بصماته في التنظيم والإتقان والإحسان والجمال.
والأرض في هذه البيئة الأعظم للبشرية كلها، فإنها في حاجة -كذلك- إلى مَن يرثها أولاً، ثم يشكّلها تشكيلاً جماليًّا يخرجها من عالمها الفوضوي إلى عالم الخير والحق والجمال. ولكن هناك شروطًا لوراثة الأرض إذا تمت تمت الوراثة وتم العمل على إصلاحها كما هي في مقال الأستاذ “الشاهد البوشيخي” المعنون بـ”الأرض وشروط وراثتها”.
وليس ببعيد عن التربية والجمالية، نقرأ مقال أديب الدباغ “حوار بين معلمة وتلميذة” يتحدث فيه عن دلالات حمرة الخجل التي تصطبغ بها وجنات العذارى عندما يلتقين الرجال الغرباء عنهن.
والكون والكائنات خلق موزون وموثق، تشيع في أرجائه موازين تكاد تصبح -بحد ذاتها- نغمًا يفصح عن ذاته، فهذه الموسيقى تنتظم العالم كله، من أصغر ذراته إلى أكبر أجرامه، وهذا هو ما تحدثنا عنه السيدة “جولي آن كانينغهام” -من منطلق خبرتها كموسيقية عازفة- في مقالها الموسوم “موسيقى الكائنات”، وعن فعل الموسيقى في النفس الإنسانية والعقل الإنساني. أما الأستاذ “أحمد عبادي” فيتحفنا ببعض لفتاته الذكية واستقراءاته من الآية الكريمة ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ فهو يقول: إننا مأمورون بقراءتين، الأولى قراءة في الخلق، والثانية قراءة في الكتاب المسطور، ودلالات ذلك في النفس والكون والحياة.
ثم يأتي مقال الأستاذ “محمد عمارة” الموسوم بـ”المسلم والجمال” إطارًا لكل القيم الجمالية التي وردت في ثنايا المقالات السابقة، حيث يبين ما في الإسلام من معالم جمالية من حيث المبنى والمعنى هي قوام حضارته في كل أزمنته.
هذا ما استطاعت هذه السطور استيعابه من إشارات إلى مقالات البعض من كتاب المجلة، أما الآخرون فنحن طامعون بكرم تفهّمهم وتقديرهم، ومن الله تعالى التوفيق والسداد.