ظاهرتان تبعثان على الدّهشة في كتاب الله عز وجل

إن للأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله سياحة واسعة وعميقة في خضم القرآن وبحره. بل إن رسائله كلها، المعروفة برسائل النور، إنما كان يستبينها على ضوء القرآن ويستوحي حقائقها من نوره.
وإنك لتنظر فتجد أن الحقائق التي استخرجها رحمه الله من كنوز هذا الكتاب الرباني المبين، كثيرة ومتنوعة شتى، تتصل بسائر المعارف والعلوم والثقافات والفلسفات على اختلافها.
ولقد وجدتني من هذه الحقائق التي يستخرجها رحمه الله ويجلّيها من كتاب الله عز وجل، أمام فيض كبير بعثني على الحيرة فيما ينبغي أن أختاره منها، لأجعل منه متناً أشرحه أو شرحاً أهمش عليه وأزيده جلاء أمام بصائر الباحثين والمتدبرين.
غير أني تحررت من هذه الحيرة عندما قررت أن أنتقي من هذه الحقائق القرآنية الكثيرة التي يستخرجها ويلفت النظر إليها، تلك التي لم يُسبق إلى بيانها من قبل، أو تلك التي كان نصيبها من الدراسة والبحث لدى العلماء والباحثين المتقدمين مقتضباً أو غير ناضج ومتكامل.
ولقد وقعت من هذا الذي بحثت عنه على حقيقتين قرآنيتين هما من الأهمية بمكان:
أولاهما جديدة على سمع الدارسين والباحثين، لا أعلم أن في السابقين من العلماء والباحثين من تنبه ولفت النظر إليها.
والثانية نالت كلاماً مقتضباً من بعض الباحثين السابقين الذين عكفوا على دراسة علوم القرآن وجوانب الإعجاز فيه، ولكن يعوزه مزيد من البيان والدعم بالأدلة والبراهين.
وها أنا أضع أمامكم ما يقوله رحمه الله في بيان كل منهما، بنصه مترجماً إلى اللغة العربية. ثم أجعل منه، كما قلت، متناً أشرحه بما يزيده جلاء، وبما يكشف عن مصداقه في واقع عصرنا اليوم وفي بحوث الكاتبين اليوم على اختلاف مشاربهم وتنوع عقائدهم من مؤمنين وجاحدين.
الحقيقة الأولى: تلك التي يسميها محافظة القرآن على التوازن الموجود بين الحقائق الإلهية السامية كلها. يقول في بيان هذه الحقيقة بأن هذه المحافظة والموازنة والجمع، خاصية لا توجد قطعاً في أي أثر من آثار البشر، ولا في نتاج أفكار أعاظم المفكرين كافة، ولا توجد قط في آثار الأولياء الصالحين، ولا في كتب الإشراقيين الموغلين في بواطن الأمور، بل كل فريق من أولئك قد تشبث بغصن أو غصنين فحسب، من أغصان الشجرة العظمى للحقيقة، فانشغل كلياً مع ثمرة ذلك الغصن وورقه، دون أن يلتفت إلى غيره من الأغصان، إما لجهله به أو لعدم التفاته إليه، وكأن هناك نوعاً من تقسيم الأعمال بقصد الاختصاص فيما بينهم.
نعم، إن الحقيقة المطلقة لا تحيط بها أفكار محدودة مقيدة. إذ لا بدّ لها من نظر كلّي كنظر القرآن الكريم ليحيط بها. فكل ما سوى القرآن الكريم، لا يرى تماماً بعقله الجزئي المحدود إلا طرفاً أو طرفين من الحقيقة الكلية، فينهمك بذلك الجانب ويعكف عليه وينحصر فيه، فيخلّ ذلك بالموازنة التي بين الحقائق، ويزيل تناسقها إما بالإفراط أو التفريط.
ثم يضرب الأستاذ رحمه الله المثل لذلك بكنـز عظيم يحوي جواهر شتى عثر عليه الغواصون في قعر أحد البحار، ونظراً إلى أن كل واحد منهم تعرّف على جانب صغير من ذلك الكنـز الواسع الكبير، منفصلاً عن الجوانب الأخرى منه، فقد تخالفت بل تناقضت تصوراتهم له. ثم يقول: “فالقرآن الكريم الذي هو بحر الحقائق، آياته الجليلة غواصة كذلك في البحر تكشف عن الكنـز، إلا أن عيونها (أيْ عيون الآيات القرآنية) مفتحة بصيرة تحيط بالكنـز كله وتبصر كل ما فيه.”
أعتقد أن هذه الحقيقة العظمى التي يلفت بديع الزمان بصائرنا إليها في هذه السطور، تحتاج إلى شيء من الشرح والبسط، لا سيما وقد تجلى مصداق هذا الذي يقوله الأستاذ تماماً، في الحيرة البالغة التي غدت اليوم جامعاً مشتركاً لدى سائر العلماء الغربيين بل سائر الباحثين الشاردين عن هدي القرآن وضيائه، تجلى في اعترافات متكررة ظهرت في ثنايا كتاباتهم أو محاوراتهم، كما سنجد بعد قليل.
اسمحوا لي إذن، أن أشرح هذا الكلام الجامع المركز، وأبسطه في البيان التالي:
كثيرون هم الذين يتصورون أن هذا الكون الذي نعيش فيه، يغور بحقائق متنوعة شتى. والواقع أن هذا التصور وهمٌ باطل، فالكون لا يحتضن أكثر من حقيقة واحدة. وإنما المتعدد والمتنوع أجنحة هذه الحقيقة وزواياها.
أي إن الذي ينصرف إلى دراسة الأنواء والفلك، والذي يعكف على دراسة طبقات الأرض، والذي يتتبع علوم الحياة الحيوانية، والذي يختار دراسة التاريخ أو التاريخ الطبيعي، والذي يتفرغ لدراسة علم النفس والفلسفة والأخلاق… كل هؤلاء إنما يتفرقون في جوانب شتى من جسم الحقيقة الكونية الواحدة. ولكن عظم هذه الحقيقة بما لها من جوانب وجهات مترامية الأطراف، يخيل لكثير من الناس بمن فيهم كثير من المثقفين والعلماء المتخصصين أنها حقائق علمية متعددة ومستقلة بعضها عن بعض. لذا يجيز كل منهم لنفسه أن لا يُعنى بما انصرف إليه الآخرون، وأن يحصر همه في دنيا الحقيقة المستقلة التي تخيلها.
ومن هنا تأتي معلومات هؤلاء الناس عنها مبتورة، لا بل مضلّلة أيضاً، ثم إنها لا تروي لهم ظمأ ولا تشبع لهم تطلعاً، بل تزيدهم في شأنها حيرة واضطراباً، لأنهم كلما ازدادوا فيها تعمقاً فاجأتهم منها عروق وخيوط تتجاوز بهم دائرة بحثهم ومجال دراستهم، وكلما تتبعوا منها مجهولاً أسلمهم إلى نطاق أوسع وخيوط أكثر تشابكاً وتعقيداً.
إن هذه المعارف الجزئية التي تبدو حقائق مستقلة بعضها عن بعض داخل هذا البنيان الكوني المتماسك، أشبه ما تكون بفصول متعددة كثيرة من كتاب كبير ذي موضوع علمي واحد. فماذا عسى يفيد من وقع على أحد فصوله تلك، ثم عكف على دراسته في تأمل ودقة؟ بل ماذا عسى أن يفقه منه من درس فصوله كلها، ولكن على غير ترتيب وتناسق، ودون الرجوع إلى أي رابطة بين الواحد منها والآخر؟! من الثابت يقيناً أن هذا الإنسان لن يعود من دراسته تلك، مهما كانت دقيقة معمقة، إلا بمفاهيم مهشمة ومعارف مبتورة. وهي في مجموعها ليست إلا لوناً من أسوأ ألوان الجهل المركب وإن بدا أنها معلومات جزئية صحيحة. فكذلك هذا الكون، إنه كتاب علمي واحد، ذو فصول مترابطة ومتناسقة شتى، وإن بدت لدى النظرة العجلى أنها مستقلة متباعدة من بعضها.
وآية هذا الذي أبرزه بديع الزمان في كلماته مركزاً موجزاً، ونحاول أن نحلّله وأن نبسطه هنا مشروحاً مبيناً، ما نعرفه جميعاً من أن جلّ العلماء والفلاسفة الذين ملأت أسماؤهم وشهرتهم الدنيا، عادوا في أيامهم الأخيرة يشكون الجهل وينشدون المعرفة ويتبرمون بالحيرة ويعانون من الاضطراب.
لقد رأينا “برتراند رسل” يشكو فيما يقصه علينا من سيرته الذاتية، أنه على الرغم من كونه حقق كثيراً مما كان يحلم به ويسعى للوصول إليه، ومن ذلك الحب والسلام، إلاّ أنه لم يعد من سعيه وراء أمنيته الأولى، وهي المعرفة، إلا بأوكس الحظوظ.
كما رأينا من قبله “أنشتاين” -وهو الذي ابتدع نظرية النسبية وحدد قوانين الفضاء والزمن والجاذبية- يشكو المعضلة ذاتها، ويعلن لصديقه الكاتب الأمريكي “جورج فيرك” أن معلوماته التي جمعها عن الكون لم تستطع أن تقدم له إلا لغزاً مقفلاً يستعصي على الحلّ. قال له ذلك عندما سأله “جورج فيرك” عن الموت، فقال: لا أدري.!!
ويعبر “أنجلز” في كتابه “أنتى دوهرنغ” عن حيرته في قضايا الكون بكلام طويل، يقول فيه: “كم هي زهيدة معرفتنا بأصل الكريات الدموية..! وكثيراً ما تحدث بعض الاكتشافات، كاكتشاف الخلية مثلاً فتضطرنا إلى مراجعة كاملة لسائر الحقائق الأخيرة والنهائية المقررة من قبل، في مجال علم الحياة، وإلى وضع أكوام كاملة منها في سلة المهملات دفعة واحدة..!”. ثم يضيف فيقول: “وإن الحقائق الأبدية تعاني مأزقاً أشد حراجة من ذلك في المجموعة الثالثة من العلوم، وهي المجموعة التاريخية. وهكذا فإن معرفتنا في مجال التاريخ الإنساني لأشدّ تخلّفاً أيضاً منها في ميدان علم الحياة. وأغلب الظن أن الذين سيأتون من بعدنا سيصححون معارفنا أكثر مما يفيدون منها.”
بل إني لعلى يقين بأن ظهور المذاهب الفلسفية المتطرفة، من مثالية ووجودية وذرائعية ونحوها، ليس إلا ثمرة اضطراب نتج عن معرفة مقطعة مجزّأة عن تصور الهيكل الكلي لهذا الوجود، هذا مع افتراض أنها جاءت معارف جزئية صحيحة.
إذن، فالمعرفة لا تكون صحيحة بحيث تقنع العقل وتطمئن إليها النفس، إلا إن جاءت على أعقاب معرفة كلية شاملة تحيط بين بنيان هذا الوجود كله، متمثلاً في كل من الإنسان والكون والحياة ووجه العلاقة السارية فيما بينها. وليس المهم في هذه المعرفة الكلية أن تكون عميقة دقيقة، لاسيما في بادئ أمرها. إنما المهم جداً أن تكون صحيحة وشاملة.
وأذكركم في هذا الصدد بالقاعدة العلمية التي يجب أن تسترعي انتباهنا، كبرهان على ما نقول، وهي أن دراسة 20% من كتلة ذات أجزاء متراكبة، ليس من شأنها أن تؤدي بالضرورة إلى معرفة صحيحة لـ 20% من حقائق تلك الكتلة. بل إن مثل هذه الدراسة لا تؤدي حتى إلى معرفة 1% من تلك الحقائق على وجه صحيح، أو قد توصل إلى تصورات مشوشة عن مجمل تلك الكتلة. ولا عبرة بما قد يعود به هذا الباحث من أوهام يحسبها معارف وعلوماً، وإلاّ فأخبرني كم هي نسبة المعارف الصحيحة التي يعود بها ذاك الذي أقبل إلى خارطة، فوضع منظاراً مكبراً على رقعة منها، ثم راح يحصر نظره وفكره في دائرة ذلك المنظار، ويتأمل في الألوان الساطعة والخطوط الكبيرة التي تحت عينيه، أي قبل أن يتعرف على الخارطة بمجموعها الكلي وقبل أن يتبين خطوط الطول والعرض فيها؟! نعم إنه قد يعود من ذلك بما يسمى في اللغة معرفة، عندما يدرك الألوان على حقيقتها، ويقرأ أسماء المدن التي تبدو تحت منظاره قراءة صحيحة، ويلاحظ تعاريج الخطوط ما هي، ولكنها تسمى في هذا المقام معرفة ميتة، إذ لا صلة لها بشيء من المعارف التي تتضمنها تلك الخارطة في مجموعها الكلي.
فتلك هي حقيقة المعارف التي يعود بها من قد حصر فكره من بيان هذا الوجود الكوني في زاوية من زواياه أو جزء من أجزائه. إنها بكل تأكيد معارف ميتة، لا صلة لها بشيء مما توحي به المجموعة الكونية كلها من المعارف والمعلومات. وهي لذلك أعجز من أن تمدّ صاحبها بشيء مما ينشده الباحث من طمأنينة اليقين العلمي.
والآن، ما السبل إلى هذه المعرفة الكلية الشاملة؟ وبتعبير آخر، أين يمكن العثور على تلك الخارطة التي تصور لنا المنظور الشامل لبنيان هذا الهيكل الكوني كله، وتكشف لنا نوع العلاقة السارية بين جوانبه وأركانه الكبرى؟
من الثابت يقيناً أننا لن نعثر على هذه الخارطة إلا في القرآن، كما يؤكد بديع الزمان رحمه الله. بل هي المهمة الأساسية الكبرى التي تنـزل القرآن من أجلها، والتي يتوقف عليها تعرف الإنسان على ذاته وإمكان نهوضه بالمسؤوليات التي كلف بها وخلق من أجلها.
وبوسعنا جميعاً أن نعلم بأن القرآن لو لم يكن كلام صانع هذا الكون ذاته، لما أمكن أن يحوي بين دفتيه الصورة الكاملة الشاملة لوحدة هذه المصنوعات المترابطة والمتشابكة في تناسق عجيب.
فمن عكف على دراسة القرآن بتدبر وتجرد وإمعان، وجد أن هذا الكتاب يبدأ فيعرّف الإنسان على ذاته وخصائصه ومهامّه في هذه الدنيا التي خلق فيها. ثم يعرّفه على حياته التي يتمتع بها وعلى ما فيها من جوانب التفاهة والأهمية معاً، ويبصّره بمبدئها ومنتهاها، وعلاقتها بما وراءها، ثم يعرّفه على المظاهر الكونية التي تموج من حوله وعلى صلة ما بينه وبينها بشكل شمولي وإجمالي، وهو ينبهه من خلال ذلك إلى ما في تلك المظاهر من السنن الراسخة التي لا تخضع لأي تطوير أو تغيير، وإلى ما فيها من الرموز المتطورة المسخرة لمصالح الإنسان.
وتلك هي العناصر والأركان الكلية الكبرى لبنيان هذا الوجود: الإنسان، الحياة، الكون، أي سائر المكونات الأخرى، وإذن فتلك هي ينابيع المعرفة كلها.
وهكذا يتمثل الهيكل الكوني أمام بصيرة الإنسان، من خلال تدبّره لهذا الكتاب الرباني العجيب، كما تتمثل شجرة باسقة عظيمة أمامك، عندما تنظر إليها على أرض مستوية ليس بينك وبينها أي حجاب أو سحاب، فهي جلية أمام العين في هيكلها وفي ضخامة جذعها واتساع فروعها، وفيما تحمله من ثمر بين أوراقها.
فإذا أقبل الإنسان بعد هذه المعرفة الشمولية الكلية التي استقاها من القرآن إلى يمّ هذا الوجود الكوني، يتعمق في فهم ما يشاء فهمه من الجوانب والأجزاء التي يجب أن يتعمق في معرفتها وأن يتخصص بدراستها، فإنه لن يضيع عندئذ في المتاهات، ولن تخدعه ألوان الطيف المتكسّرة التي كانت تنبعث من جراء انحصار النظر في زوايا ضيقة ومقطعة بعضها عن بعض، بل سيكون له من الاعتماد على تلك الخارطة الشاملة التي انطبعت في بصيرته، ما يردّه عن كل ضلالة ويبعده عن كل خدعة. ولسوف يكون له من ذلك ما ينبهه إلى الرابطة القائمة بين الأجزاء التي قد تبدو متنافرة أو مستقلة بعضها عن بعض.
وهذا هو المقصود بالعلم الذي يظل القرآن ينوّه بأهميته وشرفه في كثير من الآيات. وعن الذين تحلوا بهذه البصيرة العلمية، دون غيرهم، يتحدث القرآن قائلاً: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (فاطر: 28).
أما أولئك الذين شأنهم أن يبدأوا فيضعوا المكبرات الضخمة على رقعة صغيرة، في قلب خارطة كونية كبيرة، ثم أن يحلقوا في تلك الرقعة، وهم عن الخارطة ذاتها غافلون، فهم الذين قال الله عنهم ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ (الروم: 7). وقد يخيل إلى أحدنا أن كلمة “ظاهراً” في الآية إنما تعني المدارك السطحية للشيء بالمعنى المتعارف عليه عند الناس، ولكن الحقيقة أن المعرفة السطحية للشيء تتمثل أول ما تتمثل في المعرفة التي يزهى بها من لم يعلم بعدُ حجم ذلك الشيء وحقيقته، وإنما انطلق بادئ ذي بدء يغوص بأجهزته وتأملاته في إحدى زواياه التائهة الضئيلة وسط حجمه الكبير الفسيح.
بقي أن نسأل على أعقاب هذا الكلام الذي يبرز للقرآن دوراً معرفياً لا يغني عنه -كما قال بديع الزمان رحمه الله- أي فلسفة أو فن من فنون المعارف والعلوم على اختلافها: هل بلغك أن واحداً ممن انطلقوا إلى معارفهم الكونية من دراسة كتاب الله أولاً، وقف من الموت أمام لغز كوني محيّر، كما كان من شأن “أنشتاين”؟ أم هل سمعت أن واحداً ممن بدأ فأمعن في الخارطة الكونية التي تتجلى في هذا الكتاب الرباني، زجته معارفه وعلومه عن الدنيا التي يعيش فيها، في مجهلة محيرة أو ظلمات موحشة، كما هو شأن أولئك العلماء أو الفلاسفة الذين انطلقوا إلى سياحاتهم العلمية، بعيداً عن البوابة القرآنية الكبرى التي تبصّر الإنسان بمجمل هذه الكتلة الكونية وعلاقاتها الشمولية العامة؟
أمعن ما شئت في تاريخ العلماء الغابرين أو العلماء المعاصرين، ممن اتخذوا من القرآن منهج معرفة لهم، ومفتاحاً لسياحاتهم الفكرية في أرجاء هذا الكون، فلن تجد فيهم من زجته معارفه في حيرة، أو أقحمته اكتشافاته العلمية في مخافة أو وحشة. والعكس دائماً هو الصحيح، كما قد مثلت لك من قبل.
________________
المصادر
.بديع الزمان سعيد النورسي، ترجمة: إحسان قاسم الصالحي
سيرتي الذاتية، لبرتراند رسل.
مجلة العلوم اللبنانية، السنة الرابعة، العدد الثالث.
.4أنتي الكلمات، لبديع دوهرنغ، لأنجلز
__________
** نكتفي بنشر الحقيقة الأولى في هذا العدد.