صفحات عُلِّقت على شجرة

إنَّ كل ما في الزهرة والثمرة موزونٌ بميزان دقيق، وذلك الميزان مقدَّر وفق تناسق بديع، وذلك التناسق يسير منسجماً مع تنظيمٍ وموازنةٍ يتجددان، وذلك التنظيم والموازنة يجريان في ثنايا زينة فاخرة وصنعة متقنة، وتلك الزينة والإتقان يظهران بروائح ذات مغزى وبمذاقات ذات حكمة..

وهكذا تشير كل زهرة إلى الحَكَم ذي الجلال إشارات، وتدل عليه دلالات، بعدد أزهار تلك الشجرة. والشجرة بمثابة كلمة، وثمارُها بحكم حروف تلك الكلمة، وبذور الثمر كأنها نقاط تلك الحروف التي تضم فهرس الشجرة كاملاً وتحمل خطة أعمالها.

كل زهرة إلى الحَكَم ذي الجلال إشارات، وتدل عليه دلالات، بعدد أزهار تلك الشجرة. والشجرة بمثابة كلمة، وثمارُها بحكم حروف تلك الكلمة، وبذور الثمر كأنها نقاط تلك الحروف التي تضم فهرس الشجرة كاملاً وتحمل خطة أعمالها.

هذه الشجرة إذا أخذناها مثالاً وقسنا عليها كتاب الكون الكبير، نرى سطورَه وصحائفه قد صارت بتجلي أنوار اسم “الحكيم الحَكَم” معجزة باهرة، بل غدت كل صحيفة منه، وكل سطر منه، وكل كلمة، وكل حرف، وكل نقطة معجزةً تبلغ من العظمة ما لو اجتمعت الأسبابُ المادية كلها على أن تأتي بمثل تلك النقطة (أي البذرة) أو بنظيرها لا تأتي بمثلها. بل تعجز الأسباب جميعُها عجزاً مطلقاً عن معارضتها.

نعم، إن كل آية كونية من آيات قرآن الكون العظيم المنظور تَعرِض للأنظار معجزاتٍ نيّرات هي بعدد نقاطها وحروفها، فلا جرم أن المصادفة العشواء والقوة العمياء، والطبيعة الصماء البلهاء التي لا هدف لها ولا ميزان، لا يمكنها أن تتدخل -في أية جهة كانت- في هذا الميزان المتقن الخاص، وفي هذا الانتظام الدقيق البديع المتّسمين بالحكمة والبصيرة. فلو افتُرض تدخلها -جدلاً- لظهر أثر التدخل، بينما لا يشاهَد في أي مكان تفاوتٌ ولا خللٌ قط.

المصدر: اللمعات لبديع الزمان سعيد النورسي، دار النيل للطباعة والنشر

ملاحظة: عنوان المقال من تصرفات محرر الموقع