الحياة مليئة بتحديات شتى، فردية واجتماعية وسياسية واقتصادية وحضارية. والإنسان مُطالَب بمواجهة هذه التحديات لكي يواصل مسيرته على هذا الكوكب. ما أكثر المثبطات التي تعترض سبيل الإنسان وهو يحاول تجاوز تلك التحديات، وإن الأمل في تخطيها، لهو الخيط الوحيد الذي يتشبث به لكي يمضي نحو المستقبل. إن الأمل يمنح الإنسان طاقة للثبات والمضي مهما اشتدت العواصف وادلهمّت الأجواء.

بهذه المشاعر يفتتح الأستاذ فتح الله كولن هذا العدد من مجلة حراء؛ برسالة “الأمل”. إن منبع الأمل هو الإيمان، ومن فقد إيمانه فقد أمله، “أمل المرء بقدر إيمانه”. وإذا ما عشعش اليأس في القلب امتص شعلة حياته وقضى عليه بالبوار، “والذين غُلِبوا في عالم الأمل سيُغلَبون في واقع حياتهم”.

أما الدكتور ناصر أحمد سنه فيحدِّثنا عن أسرار الصوت، وينطلق بنا في أنواعه وطرق تشكله ومراتبه في مقاله “فيزياء الصوت والصيحة”. يوسف المتوكل من المغرب يذكّرنا بفضيلة منسية، ألا وهي قيمة العفو العام، ما معنى العفو العام؟ وكيف تم تطبيقه في التاريخ؟ وما هو الحال اليوم؟ صحيح أننا نعيش أعيادًا عديدة، لكن ما هو العيد الذي تصبو إليه كل روح؟ صالح القاضي بأسلوبه الماتع يفتح لنا نافذة إلى الأعياد المنشودة.

حراء تشبه الحديقة الغناء في تنوع مقالاتها وانتشارها على صفحات المجلة، فها هو الدكتور محمد البويسفي يحلق بنا في موضوع يمس كافة سكان الكرة الأرضية؛ موضوع البيئة، فهل تَطرّق القرآن إلى قضايا البيئة يا ترى؟ وهل ذكر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أمورًا تتعلق بهذا الموضوع الهام؟ الإجابة في مقال “قيم البيئة في القرآن والسنة”.

في باب التربية يتحفنا عالمنا الكبير بركات محمد مراد بمقال حول التربية، كيف يمكن أن نؤسس تربية متوازنة ونمنح أطفالنا وفلذات أكبادنا شخصية سوية؟ وفي موضوع هام آخر يسلط الدكتور محمد الدرداري الضوء إلى “الاستخلاف في المال” وكيف يساعد ذلك على حل كثير من المشاكل الاجتماعية.

في هذا العدد تقابلنا حراء بمفاجأة، وهي ترجمة أول مقال كتبه الأستاذ كولن في حياته، وصدّره أول عدد من مجلة سيزنتي التركية التي استمرت زهاء ٣٦ عامًا: “من أجل أن نكفكف دموعك يا صغيري”، مقال يعود إلى عام ١٩٧٩، ضمّنه فيه آهاته ودموعه من أجل الأجيال التي ضاعت في حقبة من الزمن بسبب الإهمال.

يُهلّ هذا العدد من حراء مع قدوم شهر رمضان الفضيل ضيفًا عزيزًا على قلوبنا، ومن ثم احتوت صفحات المجلة على مقالات تمس شغاف القلب وتعبر عن فرحة الروح بالشهر المبارك لم يسعنا المجال لذكرها.

يبقى -في الأخير- أن نهنئ قراءنا الكرام بإطلالة رمضان المشرقة، وننتهز فرصة قدومه حتى ندعو لبعضنا البعض وندعو لأمتنا الجريحة، لكي تخرج من أزماتها المعقدة، فيكون شهر البركات بابًا ينبض بالأمل نحو مستقبل ملؤه المحبة والوئام والسلام.