حراء في القاهرة

بعد كل من المغرب واليمن والسودان، في يوم 12/11/2008 تحطُّ “حراء” رحالها في رحاب “القاهرة” للمرة الثانية، وتلتقي ثلة من ألمع أصحاب الفكر والرأي فيها في احتفالية ثقافية وفكرية متميزة شارك فيها بالإضافة إلى الأساتذة المصريين أساتذة من الجزائر والسودان واليمن، وكان للصحافة والصحفيين من مختلف التوجهات حضور ظاهر لتغطية وقائع هذه الاحتفالية، فأشادت بهذه التظاهرة وعدتها مظهرًا من مظاهر حرص “حراء” على التواصل الفكري والثقافي، وتبادل الخبرات والتجارب بين أبناء الأمة الإسلامية. ومن هنا جاءت رغبة “حراء” في أن تكون ملتقى أقلام المفكرين من كافة أنحاء العالمين العربي والإسلامي، فالترحاب الذي لقيته “حراء” من قبل النخبة المثقفة في كل مكان، وحيثما نزلت، دليل على نهجها السليم، وعلى “الوسطية” التي عملت على توطيدها في الفكر والسلوك.

وقد أكد هذا النهجَ وأشاد به المتكلمون من فوق منصة قاعة الاحتفال من أمثال د. أحمدي أبو النور، د. علي جمعة، د. محمد عمارة، د. زغلول النجار، د. نادية مصطفى، د. عمار الطالبي، د. عبد الحليم عويس، د. حسن مكي، وبينوا أن رسالة “حراء” التي تضطلع بها في غاية الأهمية، وقد تكون فتحًا فكريًا جديدًا يستقطب من حوله المثقفين في هذا العصر الموبوء الذي اختلطت فيه المفاهيم والثقافات والأفكار غثها وسمينها، أخضرها ويابسها.

وكان لرسالة الأستاذ “فتح الله كولن” -الأب الروحي لهذه المجلة وغيرها من المجلات والمدارس والجامعات- والتي قُرئت على السادة الحضور بالنيابة عنه، وقع كبير وموضع اهتمام من قِبلهم، وبما جاء فيها من فكر هادئ رصين، وتحليل متميز لقضايا الإنسان المعاصر، والدعوة إلى الحوار والسلام والمحبة والوئام، هذه القضايا التي تستأثر اليوم بعقول الصفوة من رجالات الروح والإيمان في هذا العالم.

ولا يسعنا في هذه العجالة إلاّ أن نتقدم بجزيل الشكر والامتنان للسادة الذين ساهموا معنا في إنجاح هذا الملتقى الثقافي الكبير بما قدموه من جهد في استقبال الضيوف، وتنظيم الصفوف، وترتيب الموائد، جزاهم الله عنا خير الجزاء.

ونود أن نشير هنا إلى أن “حراء” لا تتوقف عند حد محدود من الثقافة والفكر، بل تسعى دوما إلى تجديد نفسها وتطوير إمكاناتها التي تثري الفكر والمعرفة، وترفد الإيمان وتزيده تقوية. لذلك فقد أضافت إلى جملة أبوابها بابًا جديدًا باسم “المنشور” استئناسًا بعمل المنشور الزجاجي الذي يعكس إلى العين جميع أطياف الضوء، وهو باب نأمل أن يعكس أطيافا فكرية غاية في الخصوبة والجمال.

ولا أدل على هذا التطوير أننا اليوم وفي هذا العدد نأنس بكتاب ومفكرين يسهمون لأول مرة بالكتابة في “حراء”. ومن الله التوفيق والسداد.