حراء تحتفي بعامها الجديد

قبل ستة عشر عامًا تَولَّد فجر جديد، ليحمل مع انشقاق أنواره الأولى أملاً بغدٍ مشرق مفعم بروح إيمانية متجددة، واستبشارًا واستئناسًا بغار حراء الذي شهد اللبنات الأولى لعودة الاتصال بين السماء والأرض، ولإرواء أرواح الأنفس.. سُمِّي هذا الفجر الجديد بـ”حراء”، وحمل القائمون عليه على عاتقهم أمانة أن تواصل حراء -بعون الله- حمل ذلك الميراث الثقيل، وأن تضطلع بأداء تلك الوظيفة التي أبت حملها السماء والأرض والجبال الرواسي. لقد هيأ الله لـ”حراء” (المجلة) ثلة من الكتَّاب من مختلف الجنسيات واللغات، يجيدون فن الكتابة، ويتمتعون برؤية فكرية إصلاحية تعمل على الأخذ بيد الإنسانية.. وفي مقدمة هؤلاء يأتي الأستاذ فتح الله كولن كاتب المقال الرئيس من كل عدد، والذي عنون مقاله في هذا العدد بـ”ترميم حصون القلب”، حيث أكد فيه على ضرورة اختيارنا طريق التعمير والإصلاح والأخوة وإحياء الآخرين في الحياة الدنيا، باتكالٍ على الله حتى وإن تعرضنا في سبيل هذا للتهديد والتنكيل، متخلّين عن متع الحياة ولذائذها من أجل خلاص الإنسانية ونجاتها.
وفي باب القضايا الفكرية يشرح لنا الدكتور بنعيسى النية في مقاله “الحوار من أجل التعايش” العلاقة المتينة بين الحوار والتفاعل الحضاري من خلال كتاب “الحوار من أجل التعايش” للدكتور عبد العزيز التويجري، الذي أكَّد فيه أن التسامح والانفتاح على الثقافات والحضارات، والحوار معها، والتعايش مع الأمم والشعوب الأخرى، سينتج عنه وحدة إنسانية قاسمها المشترك هو التآخي والتراحم والمحبة والصدق والمنفعة العامة.
ولأن حراء واحة غنَّاء يجد فيها القارئ من كل بستان علمي زهرة، ففي باب العلوم يطالعنا الأستاذ مجدي إبراهيم من خلال مقاله “خطر يهدد العالم” على السكتة الدماغية، فيشرح كفية إصابة الإنسان بالسكتة الدماغية، وأهم أعراضها الشائعة، وسبل الوقاية والعلاج منها.
أما كاتبنا الأستاذ الدكتور ناصر أحمد سنه، فيحدثنا في مقال هذا العدد المعنون بـ”جرائم النيام” عن ظاهرة المشي في أثناء النوم، والتي تنتاب بعض الناس وترافقهم طيلة الحياة، مما تؤدي في بعض الأحيان إلى قيام النائم بجريمة بلا وعي.
ولبيان خطأ ما يعتقد البعض من أن الكلمات والجمل تمثّل الجزء الأكبر والأساسي من طرق تواصل الأفراد فيما بينهم، أكَّد الأستاذ خلف أحمد أبو زيد في مقاله “لغة الجسد في تحقيق التواصل الإنساني”، أن العديد من الدراسات والأبحاث تشير إلى أن الكلمات والجمل لا تمثّل سوى 7% من طُرق تواصلنا مع العالم المحيط بنا.
هذا إلى جانب مجموعة من المقالات العلمية والفكرية والحضارية والتربوية، التي يكتمل بها بستان حراء في هذا العدد، الذي نسأل الله أن يكون إضافة قوية في تشكيل وعي قرائنا الأفاضل. والله ولي التوفيق.