المرأة والتكريم الإلهي

إن التكريم الإلهي للمرأة المسلمة مقطوع به انطلاقًا من قوله سبحانه وتعالى : ” وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ”(الإسراء:70)، وبنو آدم لفظ يشمل الرجال والنساء، ولم ترد آية أو حديث فيها تنقيص من قيمة المرأة أو تفضيل للرجل عليها. جاءت أم عمارة الأنصارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يارسول الله”مَا أَرَى كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا لِلرِّجَالِ وَمَا أَرَى النِّسَاءَ يُذْكَرْنَ بِشَيْءٍ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةَ “إِنَّ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ وَالمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ”(الأحزاب:35)، وما ورد من آيات أو أحاديث تُوهم غير ذلك فذاك راجع إلى فهم الإنسان الخاطئ، وسيأتي بيان ذلك من خلال الأمثلة التي سأقدمها، حيث خاض في بعض الآيات بعض المستشرقين، وتبعهم في ذلك بعض رواد الفكر التغريبي الحداثي. ولتقريب هذا الموضوع من القارئ فقد قسمته إلى ست نقط:
1- النساء شقائق الرجال في الأحكام :
قال تعالى : “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ”(البقرة:228)، والآية تفيد في عمومها تساوي الرجل والمرأة في الواجبات، وبأن على المرأة مثل ما على الرجل من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف.
الإسلام ساوى بين الجنسين ، حيث قال تعالى :” وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ”(التوبة:71)، فالله سبحانه لم يخص الإيمان بالله ورسوله والتصديق بما جاء به من عند ربه بالرجال فقط، ولم يخص الوَلاية وهي النصرة والتعاون بالمؤمنين، بل شملت الوَلاية المؤمنين والمؤمنات فهم سواء. وقال تعالى : ” مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”(النحل:97) فالآية تعِد الجنسين معًا الذكر والأنثى بالحياة الطيبة والتي قد تعني الأرزاق المادية في الحياة الدنيا كالرزق الحلال، وقد تعني الأرزاق المعنوية كالقناعة مثلاً، وتعد أيضًا بالأجر الجزيل لكليهما في الآخرة.

فالآيات على العموم تجمع الذكر والأنثى تحت حكم واحد دون تفرقة بينهما، ودون تفضيل لأحد على أحد، اللهم ما اقتضته الطبيعة البشرية الأنثوية من خصائص، وما اقتضته الطبيعة الذكورية من خصائص مغايرة فهذا يعتبر من باب توزيع المهام والتخصصات ولا يعتبر من باب التفضيل، فما حُرِمته المرأة من فضل عَوضه لها الحق سبحانه بفضل في موضع آخر، مثال ذلك أن أم سلمة قالت يارسول الله :« يَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا تَغْزُو النِّسَاءُ وَإِنَّمَا لَنَا نِصْفُ المِيرَاثِ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى “وَلاَ تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ”(النساء:32).

ظاهر الحديث يُفهم منه اختصاص الرجال بالجهاد دون النساء، وتفضيل الرجل بإعطائه ضعف ما تأخذ المرأة، والحقيقة أن هذا تكريم رباني للمرأة ومراعاة لقدراتها خاصة الجسمية؛ فالجهاد فيه مشقة وجهد لا تقدر عليه النساء؛ فأعفاهن الحق سبحانه وتعالى، وجعل مشاركة المرأة في الحرب اختيارية إن شاءت شاركت في مداواة الجرحى وسقاية المجاهدين، وإن شاءت امتنعت عن المشاركة، ولزمت بيتها.

أما قضية الإرث فسيأتي مزيد تفصيل لها، وسيتضح بالمثال والبيان أن الحق سبحانه أكرم المرأة كما أكرم الرجل .ولئن أحست إحداهن بالحرمان من الجهاد، وهي قادرة عليه فقد عوضها الحق سبحانه وتعالى في مواضع أخرى بأن يسر عليها التكاليف فقال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا فَلْتَدْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ».
وفي فرنسا عُقد اجتماع سنة 1586م ليبحث إنسانية المرأة وخلص أن المرأة إنسان، وسنة 1938م صدر قانون يلغي القوانين التي كانت تمنع المرأة من التصرفات المالية فأمكن المرأة ساعتها أن تفتح حسابا جاريا في الأبناك14. وإذا كانت هذه هي قيمة المرأة في “التوراة” و”الإنجيل” ،وقيمتها في المجتمع الغربي، وقد سبق وأشرنا أن الإسلام كرم المرأة وأعلى قيمتها، وجعلها والرجل شقائق في الأحكام ،فلماذا هذا التحامل إذن على الإسلام عموما، وعلى المرأة المسلمة خصوصا؛ حيث تتعرض لمحاولة التضليل الفكري والتشويش العقدي من طرف بعض المفكرين والسياسيين المحسوبين على التيار العلماني، والذين هم في الحقيقة يرددون مقولات بعض المستشرقين منهم المستشرق كرادي فو الذي قال إن الإسلام هضم حقوق المرأة بالقوامة، والإرث، وجعل الزوج يتزوج بأكثر من واحدة إلى أربع، وجعل الطلاق بيده، وأعطى كثيراً من الحقوق والصلاحيات للرجل لم تعطاها المرأة، مثل الشهادة والتأديب15.
الإسلام أعطى المرأة الحق في التعلم والتصرف في أموالها وتجارتها وميراثها واختيار زوجها، ولم يمنعها من شيء إلا وكان فيه مس بكرامتها وأنوتثها وشرفها. وسأحاول بما يقتضيه المقام توضيح بعض الشبهات التي يثيرها البعض بين الفينة والأخرى.
2- تعدد الزوجات :
قال تعالى: ” فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ “(النساء:3)، وقيد سبحانه وتعالى هذه الإباحة بالاستطاعة المادية، والقدرة على العدل في القسمة بين الزوجات، وبين سبحانه وتعالى على أن العدل في الميل القلبي مما لا يستطيعة البشر لأنه شيء خارج عن الإرادة البشرية؛ فنبه سبحانه إلى أن بعض الميل جائز، وكثيره مرفوض فقال تعالى :” وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا”(النساء:129)، وحذر سبحانه وتعالى من الظلم الذي قد يلحق بالمرأة من طرف الرجل إذا هو عدد زوجاته، فقال عليه السلام : ” من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط “.


ينشأ عن التعدد مفسدة الغِيرة بين الزوجات، ومفسدة الميل القلبي لزوجة على حساب أخرى، ومفسدة عدم الاستمتاع الكامل بحب الرجل، فالمرأة لا تحب أن تشاركها في حبها لزوجها أخرى، إلى غيرها من المفاسد، لكن المفسدة العظمى هي مفسدة العنوسة التي تحرم المرأة من عاطفة الحب، وعاطفة الأمومة، وعاطفة الاستقرار النفسي والعاطفي، وتسبب في انحراف المجتمع، فالدوافع الجنسية هي غريزة في الإنسان، وإذا لم تُلبى في الحلال لُبيت في الحرام، وقد أجمع العلماء على أنه إذا تعارضت مفسدتان قدم أخف الضررين، فأقول بأن الأصل أن يتزوج الإنسان امرأة واحدة، لكن قد يطرأ خلل وانعدام توازن في المجتمع بسبب تفاوت نسبة الرجال والنساء؛ فيكون الحل وقتها هو التعدد، والذي يعتبر ساعتها حل مجتمعي استثنائي لحالة استثنائية، هذا على المستوى المجتمعي، أما على المستوى الفردي فقد يلجا الفرد للتعدد بسبب مجموعة من الأسباب كعقم المرأة، ومرضها المزمن مثلاً .

ولتوضيح هذا الأمر أقدم المثال التالي:
قدم مكتب التعداد في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1957م تقريرًا مفاده بأن عدد النساء يزيد عن عدد الرجال ب3.600.600 امرأة بسبب الأمراض، وأن عدد الأرامل يزيد بمعدل مليونين كل 10 سنوات، أي أنه سيبلغ أكثر من 11 مليون امرأة أرمل سنة 1975م. وتقول الدكتورة ماريون لانجر العالمة الاجتماعية المتخصصة في استشارات الزواج ” لدينا حلان ممكنان لتغطية النقص المتزايد في الرجال إما بتعدد الزوجات، وإما إيجاد طريقة لإطالة أعمار الرجال وهذا ما لم يحصل “
ارتفعت ظاهرة العنوسة في الوطن العربي الإسلامي بسبب مجموعة من الأسباب يختلط فيها السياسي بالاقتصادي بالتعليمي بالاجتماعي بالانحراف الخلقي، وتكفي إطلالة سريعة على بعض الإحصائيات لنعرف مقدار المشكلة وحجمها، ففي المغرب ” يعاني نحو مليون ونصف مغربية من العنوسة بعد أن تجاوز عمرهن 35 سنة، وأغلبهن يتواجدن في المدن الكبيرة”، وهذه النسبة تمثل 10 % من النساء اللائي بلغن سن الزواج. وفي الجزائر بلغت نسبة العنوسة أرقامًا قياسية حيث إن ثلث سكان الجزائر عازبات وعزاب‏ ممن بلغوا سن الزواج وتجاوزوها. وأشارت الداراسة إلى أن 50 بالمائة من الشباب السوري أعزب و60 بالمائة من الفتيات السوريات عازبات، أما مصر فيبلغ عدد العازبات في مصر 5.6 مليون ممن تجاوزت أعمارهن 35 سنة21 .
أما أعلى نسبة العوانس فهي في لبنان حيث تصل 86%. كما تشهد دول الخليج ارتفاعًا مطردًا في السنوات الأخيرة، وتتصدر الإمارات قمة الترتيب بنسبة 70 %. وفي السعودية يبلغ عدد العوانس فيها مليونين، أي ما يعادل سكان البحرين مرتين22.

3- الطلاق :
أبغض الحلال إلى الله تعالى وهو آخر دواء يلجا إليه الزوجان عند تعذر الحياة الزوجية المستقرة، والسؤال الذي يطرحه البعض لماذا لم يوكل الله سبحانه وتعالى أمر الطلاق للمرأة بإطلاق، فأقول بأن الطلاق في الغالب من الرجل ولم يوكل للمرأة؛ لما يعتريها من تغيرات واضطرابات نفسية بسبب ما يلحقها من أعراض الحيض والنفاس، ثم إن مزاج المرأة ونفسيتها في الغالب متقلبة فهي إنسانة تفرح للشيء البسيط وتغضب للشيء البسيط، ولو وكل أمر الطلاق إليها لطلقت نفسها في الشهر الواحد ثلاث تطليقات. ومع هذا فقد جعل الإسلام أمر الطلاق بيدها فيما سُمي عند الفقهاء بطلاق الخلع، قال تعالى: ” فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ “(البقرة:229)، لكن بشرط أن تعوضه عن خسائره التي قد تلحقه من جراء هذا الطلب، وحذر الإسلام الرجل من أن يسيء معاملتها ليستولي على ما عندها، فقال سبحانه: “وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ”(النساء:19)، وهناك حالة أخيرة تحدث عنها الفقهاء وهو أنه يمكن للزوجة أن تطلب أن يكون أمر طلاقها بيدها، فإذا ما وافق الزوج على هذا الشرط فيحق لها أن تطلق نفسها منه متى شاءت. قال ابن قدامة المقدسي في مسألة جعل أمرها بيدها : ” وَلَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَجُلٍ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا، قَالَ: هُوَ لَهَا حَتَّى تُنَكِّلَ. وَلَا نَعْرِفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفًا، فَيَكُونُ إجْمَاعًا.
فكيف بعد كل هذه الحالات يقول قائل إن الإسلام فضل الرجل وأعطاه حقًا لم يعطه للمرأة، وكان الأولى أن تتدارس مؤسسات المجتمع المدني النسائية وغيرها المشاكل الحقيقية التي تعاني منها المرأة، وعلى رأسها قلة نسبة الزواج، وقلة السعادة الزوجية.


4- القوامة :
قال سبحانه وتعالى :”الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ”(النساء:34)، القوامة درجة وهي تكليف للرجل وليست تشريفًا، وهذه الدرجة وإن بدا للبعض أنها مزية فهي خسران ووبال على صاحبها إن لم يحسن التصرف فيها، فما من تكليف كُلف به العبد إلا وسيحاسب عليه يوم القيامة “فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. والرجل مسؤول عن أهله ومحاسب على هذه الأمانة التي استرعاه الله إياها ، ثم إن وجود القيِّم على مؤسسة لا يعني غياب حقوق الشركاء، ثم إن القوامة مسؤوليةُ رعاية ولطف وتوجيه وإنفاق مال. والإسلام أعطى المرأة حق اختيار زوجها فتختار من يحسن استعمال القوامة.


5- التأديب :
تقوم قائمة بعض النساء عندما يقرأن قوله تعالى:” وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ”(النساء:34)، ولسان حالهن يقول كيف يأمر الله تعالى بضرب النساء، وإذا جاز هذا في زمان ومكان معين فلا يجوز ونحن في القرن الواحد والعشرين. ومجرد قراءة بسيطة للآية تزيل اللبس، فالحق سبحانه وتعالى قد تدرج في سبل العلاج بين الزوجين عند حدوث النزاع والشقاق بينهما، فأمر سبحانه الزوج بأن يبدأ بوعظ زوجته، ومحاولة إصلاح ما أُفسد بالحوار واللين والملاطفة، فإن فشل الزوج في مهمته هذه بسبب تعنت الزوجة فليهجر مضجعها، وهجران المرأة وعدم مشاركة سريرها طعن في قوتها وإهانة لجمالها وأنوتثها وجاذبيتها. فعلاج من هذا النوع يدفع المرأة في الغالب إلى إعادة النظر في المشكلة، فتتنازل عن نشوزها، أما إذا لم يفلح مع هذه المرأة لا الوعظ ولا الهجران، فالزوج يكون مجبرًا على اعتماد العلاج الأخير، وهو الضرب، ويوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر فيقول: شارحا قوله تعالى : ” واضربوهن” قال: هو ضرب غير مبرح، وبيَّن ابن عباس مقصود النبي بهذا الضرب الغير المبرح فقال: هو السواك ونحوه.

هذا قصد الله تعالى في كتابه وقصد رسوله في السنة النبوية ، أما فعل الناس المجانب لهدي الإسلام وللفطرة البشرية وللمروءة فلا ينقص من قيمة التشريع الرباني، أما اجتهادات العلماء في مسألة ضرب النساء فأقول بأنها اجتهادات تناسب الزمان والمكان، وكلٌّ يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر كما قال الإمام مالك رضي الله عنه.  لقد تدرج الإسلام من الوعظ إلى الهجر إلى الضرب وهو آخر الدواء . وتجدر الإشارة إلى أن مسألة ضرب النساء أو إهانتهن مرتبطة بالتربية الإيمانية ومرتبطة بالتربية العقلية لذلك قال الرسول الكريم: ” خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي “36.
وضرب النساء أمر مشاع في أي مجتمع يغيب فيه أو يقل الخوف من الله تعالى، فقد نشرت مجلة التايم الأمريكية أن ستة ملايين زوجة في أمريكا يتعرضن لحوادث من جانب الزوج كل عام، وأنه من ألفين إلى أربعة آلاف امرأة يتعرضن لضرب يؤدي إلى الموت، وأن رجال الشرطة يقضون ثلث وقتهم للرد على مكالمات حوادث العنف المنزلي.


6- الميراث :
المقادير نوعان، قسم لا اجتهاد فيه وهو القسم الذي حدد فيه الحق سبحانه الأنصبة كما في سورة النساء في آية المواريث من الثلثين إلى النصف إلى الثلث إلى الربع إلى السدس إلى الثمن، وقسم فيه اجتهاد اجتهد فيه الصحابة رضوان الله عليهم، ويمكن لمجتهدي أي عصر أن يجتهدوا فيها كحالة وجود الجد مع الإخوة الأشقاء أو للأب، وإني أتساءل لماذا يثار هذا الأمر عند بعض الحداثيين بأن المرأة ترث نصف ما يرثه الرجل مع العلم أن قراءة بسيطة للعهد القديم تبين أن المرأة لدى اليهود لا ترث شيئًا بجانب أخيها البكر، ولا تفيدها بكورتها في الحصول على أي نصيب مادام أخوها -البكر ضمن إخوته الذكور والأصغر منها طبعًا- موجودًا، مع تفاصيل لا تخرج عن هذه القاعدة. فلماذا الاقتصار على المطالبة بتغيير أحكام الإسلام في المواريث، وهي قد ضمنت للمرأة المسلمة نصيبها بما يفوق نصيب الرجل في أحيان كثيرة، ثم السكوت عن أحكام الميراث عند اليهود، مع أنها تحرم المواطنة اليهودية من الميراث؟ هذا مجرد تساؤل لنتبين أهو الجهل بأحكام الإرث في الإسلام؟ أم التحامل والعداء للإسلام الذي يتفجر بين الحين والآخر؟
وفي نصيب المرأة من الميراث يذكر العلماء أن الفقه الإسلامي حدد أربعا وثلاثين حالة ترث فيها المرأة هي كالتالي:
أ-عشر حالات ترث فيها المرأة مثل ما يرث الرجل.
ومن أمثلتها حالة الإخوة للأم ( من جهة الأم دون الأب ) فإنهم يرثون بالتساوي، للذكر مثل نصيب المرأة تنفيذًا لقوله تعالى: ” وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ”(النساء:12).
ب-عشر حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل.
من أمثلتها إن توفي وترك بنتًا وأمًا وأبًا: للبنت النصف، وللأم السدس، وللأب السدس فرضا وما بقي بالتعصيب. فهنا البنت ورثت أكثر من الأب.
-وإذا ترك المتوفى بنتًا وأخوين شقيقين مثلاً : فللبنت النصف، وللأخوين مابقي يقتسمانه بينهما، أي الربع لكل واحد.
فهل في حصول الذكر في هذه الحالات على نصيب أقل من نصيب الأنثى يعد انتقاصًا من قيمته؟ لم يقل أحد هذا الكلام. ولم يقل أحد أن الإسلام ظلم الرجل.
ج-عشر حالات ترث فيها المرأة ولايرث الرجل
-إذا ترك شخص بنتًا وأختًا شقيقة وأخًا لأب وابن أخ شقيق وعمًّا…مثلاً، فللبنت النصف، والباقي للأخت بالتعصيب، ولايرث الذكور شيئًا.
د- وأربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف نصيب الرجل.
من أمثلتها حالة وجود البنت مع أخيها الإبن.
ملاحظة عامة حول نصيب المرأة وهي وجود ارتباط جلي بين حق المرأة في النفقة وحقها في الميراث. معنى ذلك أنه إذا وُجِد من تجب عليه نفقتها أخذت نصيبًا معينًا، يزيد إذا انعدم ذلك المكلّف وجوبًا بالنفقة. فمثلاً وجود البنت مع الإبن المفروض عليه الإنفاق عليها معناه أنها تأخذ نصف نصيبه من الميراث خالصًا لها، لكن إذا وُجدت وحدها أخذت نصف التركة فرضًا والباقي ردًا، أي أخذت كل التركة لعدم وجود المنفق عليها، علمًا أنها قد تكون متزوجة لها حق نفقة الزوج.
هذه ست نقط أردت أن أوضح فيها التكريم الإلهي للمرأة، وبينت في النقط الخمسة ( التعدد، الطلاق، التأديب ،القوامة الميراث ) حسب ما سمح به المقال الشبه التي تروم التشويش على عقيدة المرأة المسلمة، ودعوتها للتحرر من ربقة الدين العاصم لها، والمكرم لها، ودعوتها إلى التحرر من الدين والفضيلة تحت مسميات براقة تُجمع تحت لافتة حقوق المرأة.