قال لي السندبـــــــــــاد لمــا تكلمْ       إن ترد صحبتــــــــــــي فمني تعلمْ

فإذا ما اتبعتنـــــــــــــي لا تسلني       إنما الحر بالإشــــــــــــــارة يفهمْ

أنا شيخ البحــــــار أمري عجيب       أنا من عولم الهـــــــــــوى فتعولمْ

وجميع البحــــــار شرقا وغربا       طوع أمري أصــــول فيها وأحكمْ

عالم البحــــــر غامض وعصي       عالم البحـــــــــــر يا بنيَّ مُطلسمْ

كل من خاضــــــــــــــه بغير دليل       كان كالأعمــــــى في الظلام تقحَّمْ

قلت يا سندباد خذ بيدي يــــــــا       سيد البحــــــــــــــــــر علني أتأقلمْ

أعشق البحر في دمي منه شيء       مبهم والعشــق المُبَرِّحُ مبهمْ

بهرتني أمواجـــــــــه حين لانت       بهتتني رؤاه حيــــــــــــــــن تجهمْ

ملك العقل بالمــــــدى المترامي       سلب القلب بالجمـــــــــــال المعظمْ

أي عيش بالله إن لم أغامــــــــر       بنفيس الأيـــــــــــــام في ذلك اليمْ؟

ليس لي علم بالمِلاَحَــــــــة لكن       رأس علمي أنـــــي وجدت المعلم

قال لي السندباد لما رآنــــــــــي      ماضـــــيَ العزم بالمَخاطــر مُغرمْ

أدن مني أريك بحـــــــرا محيطا       هَوْلُـــــــهُ مرعبٌ كهول جهنمْ

فيه صابرْ وفيه جاهد وثابر        فيه غامــــــــرْ وفيه أخر وقدمْ

إنه نفسك التــــــــــي بين جنبيــــــــك        فأعظم ببحرهــــــــا ثم أعظمْ

هو بحر لكن بغيــــــــر شواطيء       ظلمة فــــــــــــــــوق ظلمة تتكومْ

خطر كلـــــه وفيه كنــــــــوز       من يفز بالكنــــــــوز عاش منعمْ

فاركب البحر واتخذنــــي دليلاً       من يَسِرْ في حمـى المجرِّب يسلمْ

فأنا يا بحَّار بوصلـــــــــــــة لا       تلتفت عنهــــــــا أو تتيه فتندمْ