الرضاعة الطبيعية وأهميتها

إن الرضاعة الطبيعية لها كثير من الفوائد الصحية والنفسية والاجتماعية، سواء بالنسبة للطفل الرضيع، أو لأمه المُرضع، أو للمجتمع الذى سينشأ فيه هذا الطفل، فيشبَّ سليمًا معافًا من النواحى الصحية الجسمانية، والنفسية (السيكلوجية)، والاجتماعية ونشير إلى بعضها فيما يلي:

أهمية الرضاعة الطبيعية للطفل

أولاً: لبن الأم مناسب جدا للطفل من ناحية التركيب الكيميائى، فألبان الثدييات المختلفة تتباين تباينا كبيرًا فى نسب عناصرها الغذائية المختلفة، وكل منها مناسب لما خُلِقَ من أجله.

ثانيًا: تمثل الرضاعة فى الثلاثة الأيام الأُوَل من عمر الطفل أهمية كبيرة ؛ إذ إن لبن أمه فى هذه الفترة يحتوى على أجسام دفاعية مضادة للأمراض المنتشرة فى بيئة الطفل وأمه، وهذه الأجسام المضادة تكفُل حماية الطفل. فاللبن فى هذه الفترة الأولى من حياة الوليد يسمى لبن المسمار أو (السرسوب)  به الكثير من البروتينات (حيث يحتوى على نسبة كبيرة من الجلوبيولينات globulins والقليل من الدهون واللاكتوز.

ثالثًا: يحتوى لبن الأم على معدل عال من تركيز عنصر الحديد، مقارنة بغيره من ألبان الحيوانات، وهذا العنصر ضرورى لتكوين كريات الدم الحمراء.

رابعًا: لبن الأم سهل الهضم بالنسبة للطفل لاحتوائه على نسبة منخفضة من الدهون بالمقارنة بألبان الحيوانات خاصة لبن الجاموس والبقر وغيرها، كما أنه يحتوى على أنواع مناسبة من البروتينات.

خامسًا: يقل حدوث مرض الكساح عند الأطفال.

سادسًا: يزيد معدل نمو الطفل بانتظام حال رضاعته الطبيعية، كما ينام نوما هادئًا.

سابعًا: يحتوى لبن الأم على إنزيم الليبيز، الذى يساعد على هضم الدهون.

ثامنًا: لوحظت زيادة عامة فى المناعة، مع قلة حدوث النزلات المعوية في الأطفال الذين يتناولون لبن أمهاتهم، ومِنْ ثمَّ تقل نسبة الوفيات بينهم.

أهمية الرضاعة بالنسبة للأم

أولاً: تقل معدلات حدوث حالات أورام الثدى فى النساء اللائى يرضعن أولادهن مُقارنة بغيرهن.

ثانيًا: تعمل الرضاعة الطبيعية على تحفيز الفص الخلفى للغدة النخامية لإفراز هرمون أوكزيتوسين oxytocin الذى يعمل بدوره على انكماش الرحم، ومن ثمَّ عودته إلى حجمه الطبيعى بسرعة عقب عملية الولادة.

أهمية الرضاعة الطبيعية للمجتمع

إن الرعاية الوالدية سِمة تميز حياة جميع الكائنات الثديية؛ خصوصًا الإنسان الذى تتمتع صغاره بأطول فترة طفولة، بالمقارنة إلى الحيوانات الثديية الأخرى، وما كان ذلك إلا لتأصيل وتنمية الجوانب التربوية والنفسية والسلوكية والاجتماعية، جنبًا إلى جنب مع التكوينات الجسمية والبدنية وما يتعلق بها من وظائف الأعضاء.

إن التقام الطفل ثدىَ أمه، وعلاقته المباشرة بها، وحضنها الدافئ، وضمّاتها الحنونة، لا يغنى عن كل ذلك أىّ شئ آخر، فإن هذا يمثل بالنسبة له إشباعًا نفسيًّا وعاطفيًّا، ويؤثر عليه طوال عمره بعد ذلك، ويجعله يشب سليمًا معافًا من الناحية الصحية والنفسية والوجدانية. فيستقبل المجتمع أفرادًا لا يعانون من أمراض سوء التغذية، أو من الأمراض النفسية، أو يحسُّون بنقص فى الإشباع العاطفى والوجدانى، مما يشوه نفسياتهم ويلجئهم لسلوكيات شاذة وتصرفات مُخذية، قد تعود في النهاية بالضرر على المجتمع.