الترجمة الشفوية الأنواع والأساليب

تكتسي الترجمة بشقيها التحريري والشفوي أهمية خاصة في العصر الحاضر، باعتبار أن الترجمة ضرورة حتمية للنمو المجتمعي بمختلف مناحيه ومعطى حضاري ووسيط لنقل المعارف والآداب والعلوم المختلفة إلى شتى اللغات، فهي المحرك الأساس للتفاعل بين الحضارات والجسر الذي يربط بين الأمم والشعوب،كما تُعد ضرورة قصوى للتطور والنمو وتبادل الأفكار والإنجازات.

لقد ظهرت أهمية المترجم الشفوي (الترجمان) عندما نبتت الصلات الأولى بين المجموعات البشرية التي تتحدث بلغات مختلفة، حيث تعد من أشق المهن في العالم

لقد ظهرت أهمية المترجم الشفوي (الترجمان) عندما نبتت الصلات الأولى بين المجموعات البشرية التي تتحدث بلغات مختلفة، حيث تعد من أشق المهن في العالم، ومرد ذلك إلى التوتر والضغط النفسي والذهني اللذين يتعرض لهما الترجمان أثناء ممارسة عمله.

وفي هذا الإطار تهدف هذه المقالة إلى تسليط الضوء على الترجمة الشفوية بمختلف أنواعها، وتبيان طرق وأساليب كل نوع على حدى، مع التركيز على تقنية تدوين رؤوس الأقلام في الترجمة التتابعية.

 نبذة تاريخية عن الترجمة الشفوية

لقد ظهرت أهمية المترجم الشفوي منذ القدم، كنتيجة طبيعية للتأسيس للوضع التواصلي بين المجموعات البشرية التي تتحدث بلغات مختلفة، وهي أيضا من أروع المهن لأن هدفها هو التقريب بين الناس وتمكينهم من فهم الواحد للآخر بشكل أفضل، وبإلغاء  حاجز اللغة الذي يفصل بينهم، حيث يساعدهم المترجم على معرفة أفكارهم مباشرة، وبذلك يقوم بمهمة الوسيط ويمكنهم من تحقيق التبادل الفكري.

لقد ظهرت أهمية المترجم الشفوي منذ القدم، كنتيجة طبيعية للتأسيس للوضع التواصلي بين المجموعات البشرية التي تتحدث بلغات مختلفة، وهي أيضا من أروع المهن لأن هدفها هو التقريب بين الناس وتمكينهم من فهم الواحد للآخر بشكل أفضل.

ومنذ فجر الإسلام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرسل الرسل إلى الدول المجاورة لدعوتها للإسلام، إذ يستشف من قوله صلى اله عليه وسلم “من تعلم لغة قوم ، آمن شرهم”، أنه كان ينصح أصحابه على تعلم اللغات الأجنبية، لما في ذلك من تمكين للدعاة لمخاطبة المجتمعات الأعجمية بلغاتها، وبعد فتح القسطنطينية سنة 1453م، أضحت الحاجة ماسة إلى استخدام تراجمة في الميدان الدبلوماسي.

والجدير بالذكر أن مترجمي المؤتمرات الدوليين الكبار، منذ عام 1918، لم يكونوا مترجمين دائمين استخدموا كموظفين، بل مستقلين مارسوا إلى جانب الترجمة في المؤتمرات أعمالاً فكرية كالتدريس في الجامعات والدبلوماسية أو الأعمال الخاصة. ويعتبر أول مترجم مؤتمرات دولي في مؤتمر العلم في باريس كان بول مانتو المؤرخ والأستاذ في جامعة لندن و أنطوان فيلمان العالم اللغوي، ومؤسس كلية المترجمين الشفويين في جامعة جنيف، وجان هيربرت، الذي ألف دليلاً عن ترجمة المؤتمرات موجها للطلبة وتراجمة المؤتمرات.

 التباين بين الترجمة الشفوية والتحريرية

غالبًا ما يخلط الناس بين الترجمة التحريرية، والترجمة الشفوية، ويعتقدون أنه لا توجد اختلافات بين أسلوب عمل المترجم، وأسلوب عمل الترجمان.

منذ فجر الإسلام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرسل الرسل إلى الدول المجاورة لدعوتها للإسلام، إذ يستشف من قوله صلى اله عليه وسلم “من تعلم لغة قوم ، آمن شرهم”، أنه كان ينصح أصحابه على تعلم اللغات الأجنبية

تتم الترجمة Interprétation شفويًّا وآنيًّا في حين أن الترجمة Traduction تتم كتابيًّا وبيسر، وهذا يوحي في الواقع بأن طبيعة هذين النشاطين مختلفتين تمامًا

إن المترجم والترجمان وظيفتان مختلفتان ومتكاملتان في الوقت نفسه، فكلمة ترجمان تقابل Interprète الفرنسية، و Interpreterالإنجليزية، وكلمة مترجم تقابل Traducteur الفرنسية، و Translatorالإنجليزية، ومن أجل توضيح الفرق بين الترجمة التحريرية والترجمة الشفوية، يجب أولاً تقديم تعريف بسيط لكلا العمليتين: الترجمة التحريرية هي نقل نص مكتوب من لغة إلى أخرى، أما الترجمة الشفوية فيراد بها نقل الكلام شفويا من لغة إلى أخرى في وقت قصير دون تحضير مسبق.

علاوة على ذلك، فالترجمة التحريرية هي عملية خارج حدود الزمن الحقيقي، حيث يتوفر المترجم على وقت كاف لمعالجة النص الأصلي. وعلى النقيض من ذلك ، فالمترجم الشفوي عليه أن يستجيب فورا للخطاب الذي يستمع إليه بصورة أسرع من 20 مرة من المترجم التحريري، أي 150 كلمة بالدقيقة، و9000 كلمة في الساعة الواحدة.

غالبًا ما يخلط الناس بين الترجمة التحريرية، والترجمة الشفوية، ويعتقدون أنه لا توجد اختلافات بين أسلوب عمل المترجم، وأسلوب عمل الترجمان.

بينما للمترجم التحريري متسع كاف من الوقت للبحث عن الكلمات في القواميس والمعاجم، وأيضا التفكير في البدائل قبل اختيار أكثر الألفاظ ملائمة، فإن المترجم الفوري مطالب بترجمة نص الخطاب الشفوي آنيا دون إمكانية استشارة مراجع أو قواميس أو القيام بتصويب معنى الخطاب الشفوي كما هو الحال بالنسبة للمترجم التحريري .

تنطبق هذه الاختلافات على المترجم التحريري والمترجم الشفوي، ولكنها لا تأخذ بعين الإعتبار الترجمة التتابعية، حيث يدون الترجمان ملاحظات أثناء إلقاء الخطاب ولا يبدأ بالترجمة إلا بعد انتهاء الخطيب من حديثه. ومن الناحية التاريخية، يمكننا القول أن الترجمان سابق على المترجم، أي أن فعل الكلام قد سبق فعل الكتابة.

أما من حيث الإجرائية فنقول “إن الترجمة الفورية تختلف عن الترجمة التحريرية، ليس فقط لكون الأولى شفوية والثانية كتابية، ولكن لكون كل منهما تحتكم إلى منطق يختلف عن منطق الأخرى”.

الترجمة التحريرية هي عملية خارج حدود الزمن الحقيقي، حيث يتوفر المترجم على وقت كاف لمعالجة النص الأصلي. وعلى النقيض من ذلك ، فالمترجم الشفوي عليه أن يستجيب فورا للخطاب الذي يستمع إليه بصورة أسرع من 20 مرة من المترجم التحريري

ومن هنا يتبين أن هذه النظرية تتيح التغلغل في كنه النص بتجاوز القشرة اللغوية، لأن هذا النوع من الترجمة لا علاقة له بالكتابة بمعناها الملموس والمحسوس، إذ هو قائم على المشافهة بالإضافة، نستشف أن هذه النظرية تدعو إلى التصرف، ولا مجال فيها للحرفية مثلما هو الشأن في الترجمة التحريرية التي كثيرًا ما يستسهل فيها المترجم الحرفية لأن الجهد فيها أقل وأهون والتركيز أخف ومجال الوقت أفسح.

 أنـــــواع الترجـــــــــمة الشفــــوية 

الترجمة الشفوية هي عملية تواصل بين طرفين يتحدثان لغتين مختلفتين ولا يعرف الواحد منهما لغة عادة لغة الآخر، وتتم عن طريق ترجمان ينقل الكلام المنطوق بينهما ويكون ذلك إما باتجاهين أو باتجاه واحد حسب نمط الأداء المطلوب.

تمثل الترجمة الشفوية صراعًا ذا أبعاد لغوية وثقافية، لذا فهي تحتاج إلى صفاء الذهن وراحة الجسد ولهذه الأمور متطلبات مثل أخذ قسط كافِ من الراحة وتفادي الإجهاد الذهني والبدني.

إن جميع أنواع الترجمة الشفوية تقوم على المبادئ الأساسية ذاتها، ألا وهي استيعاب مضمون الرسالة ثم تحليلها ذهنياً إلى أفكار ثم نقلها إلى اللغة الهدف، لكن ثمة اختلافات بسيطة بينها فيما يتعلق بالآلية المتبعة عند نقل الخطاب، وبذلك تُقسَّم الترجمة الشفوية على عدة أنواع نذكر منها:

الترجـــــمة المنـــــظورة Sight Interpreting:

يعرف كل من أورتاردو ألبير وخمينيث إيبارس Jiminéz& Hurtardo هذا النوع من الترجمة بأنه ”صياغة شفوية للنص الأصل بلغة الهدف، حيث يكون المستفيد من الترجمة مستمعاً مشاركا في العملية التراصلية مع المترجم”، والمنظورة ترجمة شفوية لنص مكتوب حال الإطلاع عليه ودون سابق تحضير.

الترجــــمة التتــــــــابعية: Consecutive Interpreting

تعني ترجمة النصوص تتبعيًّا ونقل الخطاب “المسموع” باللغة المصدر (SL) إلى اللغة الهدف (TL) شفهياً بعد سماعه، ويكون من المتاح للمترجم أن يعقب الخطيب أو يتبعه في ترجمة كل جملة أو فقرة، ولذلك يُسمى هذا النمط من الترجمة بالترجمة “التتابعية”. وتتم بأن يجلس المترجم بالقرب من الخطيب ويدون الأفكار الأساسية والملاحظات الضرورية ليستند إليها فيما بعد في ترجمة الرسالة.

“إن الترجمة الفورية تختلف عن الترجمة التحريرية، ليس فقط لكون الأولى شفوية والثانية كتابية، ولكن لكون كل منهما تحتكم إلى منطق يختلف عن منطق الأخرى”.

وذلك خلال وقفات وفواصل زمنية يسكت فيها الخطيب ليتيح للمترجم نقل ما سمعه إلى لغة الحضور ومن ثم يستأنف حديثه ، وهكذا إلى أن يفرغ من خطابه، ومن مزايا الترجمة التتابعية توفير الوقت الكافي للترجمان ليستخلص الفكرة الأساسية وانتقاء الملاحظات للتدوين، لذا يكثر استخدام هذا النوع من الترجمة في المؤتمرات والمحافل التي تتطلب الدقة في النقل.

الترجمة الفورية المتزامنة Simultaneous Interpreting:

الترجمة الفورية هي نقل خطاب من لغة إلى أخرى وذلك مباشرة أثناء إلقائه؛ ويكون المترجم في هذه الحالة معزولاً في “حجيرة” ويستمع إلى الخطاب من خلال سماعات (Headphones) وينقلها إلى لغة ثانية مباشرة إلى الحاضرين المتصلين به بواسطة أجهزة استماع في القاعة ويراعى في هذا النوع من الترجمة السرعة ودقة المتابعة.

الترجـــــمــــة الهــــــــمسية : Whispered Interpreting

يصلح هذا النوع من الترجمة حين يتعذر على شخص أو شخصين فهم اللغة المصدر، وكما يدل عليها إسمها فإن الترجمان يهمس ترجمته في أذن المستمع، ولا يستخدم هذا النوع من الترجمة في جلسات المناقشات الطويلة لأنها تسبب إرهاقا بالنسبة للمترجم والمستمع على حد سواء.