اختراعات وأفكار لم تخطر علي البال 

نشرت الموسوعة البريطانية قائمة باختراعات وصفتها بأنها غيرت العالم وملامح الحياة من أهمها الكمبيوتر الشخصي الذي بدأته “آبل” في أواخر السبعينيات من القرن الماضي وفونوغراف إديسون والطائرة التي طوت المسافات وكذلك الدوائر المتكاملة، فقد بات الجوال الذكي والكمبيوتر الشخصي والمصباح الكهربائي والسيارة والطائرة عناصر أساسية لا غنى عنها في الحياة اليوم، رغم أن الكثير من الناس يجهلون الشخصيات التي تقف وراء هذه الاختراعات.

الحاجة أم الاختراع

منذ نعومة أظفارنا ونحن نسمع بالمقولة الشهيرة الحاجة أم الاختراع، وأول ما نفهم منه منذ أن يتبادر إلى أذهاننا أن القوة الدافعة الرئيسية لمعظم الاختراعات الجديدة هي الحاجة، والتي جاءت لتسد فراغات احتياجات الفرد، وتجعله نهمًا للمزيد منها للتحول من سد الاحتياج إلى الرفاهية. ولمن لا يعرفه فإن هذا المثل الشهير قيل في موقف قام به أحد الغربان عندما كاد يوشك على الموت جراء العطش وإنقاذ نفسه قام الغراب بتصرف أدهش رجلاً كان يشاهده، ومن هنا اشتهر هذا المثل، وأصبح متوارثًا ويقال حتى يومنا هذا . دائما ما تكون الحاجة والصدفة من أهم السبل للوصول الى اختراعات حيوية تؤثر فى حياة البشر وتكون علامة فارقة فى تاريخ مختلف العلوم، كحال قانون الجاذبية الشهير الذى غير مسار العلم بمجرد سقوط تفاحة، وهو حال مشابه لما حدث مع إديسون حين مرضت والدته مرضاً شديداً، وقرر الطبيب أن يجري لها عملية جراحية فورية، لكنه لم يستطع لعدم وجود ضوء كاف مما اضطره لتأجيل العملية حتي شروق الشمس، من هنا بدأت قصة اختراع المصباح الكهربائي. أيضا كانت النواة الأولي لاختراع السماعة الطبية علي يد الطبيب الفرنسي رينيه لينيك (1781-1826) حيث اعتاد الأطباء حينها وضع آذانهم على صدر المريض حتى يستطيعوا تحديد الأعراض، و كان لينك يشتهر بالخجل وهو ما كان يضعه فى موقع محرج دائما عند الكشف على النساء فقام باختراع السماعة الطبية، صديقة الطبيب، التي أضحىت رمزاً لمهنة الأطباء

اختراعات بالصدفة

كان للصدفة دور كبير في ظهور الكثير من الأشياء التي أصبحت من أهم ما يوجد في حياتنا هذه الايام ،  كما أن العديد من الاكتشافات والاختراعات رأت النور بفضل الصدفة، فقد اخترع كثير من العلماء والباحثين العديد من المنتجات المبتكرة التي غيرت أسلوب حياتنا كبشر، من هذه الابتكارات:
الميكرويف اكتشفت الشركة الأمريكية “رايثيون” فرن المايكروويف خلال فترة الأربعينيات من القرن الماضي، بعدما لاحظ المهندس بيري سبنسر، خلال عمله على الأنابيب المغناطيسية الحربية، أن قطعة من الشكولاتة انصهرت في جيبه بسبب ذبذبات المايكروويف. ومنذ تلك الحادثة، بدأ سبنسر في تطوير “علبة” للطبخ. وأُطلق أول فرن مايكروويف للإستخدام المنزلي في العام 1967 (ألف وتسعمائة وسبعة وستين).

 الأشعة السينية وفي العام 1895 اكتشف الفيزيائي الألماني ويلهلم رونتجن الأشعة السينية عندما اكتشف أن أشعة الكاثود غير المرئية سببت تأثيرا مشعا على قطعة من الورق مغطاة بمادة باريوم بلاتينوكيانيد وبدأت تشع في الغرفة، وأطلق على هذا الإكتشاف اسم “الأشعة السينية. بعدها قام العالم بإجراء اختبارات ناجحة على البشر، وتوصل العلم بعد هذه التجارب إلى استخدام أشعة اكس في المجال الطبي للكشف عن العظام المكسورة. 

المخدر والبنج تخيل لو تم إجراء العمليات الجراحية بدون تخدير؟ هل لديك فكرة عن حجم الألم الذي سيشعر به المريض؟ قام العالم والفيلسوف والمفكر الإنجليزي “جوزيف بريستلي” باكتشاف أكسيد النيتروجين أو غاز الضحك عن طريق الصدفة، وقد كان هذا الغاز يستخدم لأغراض ترفيهية، ومع بداية القرن التاسع عشر، قام الجراح البريطاني (همفري دافي) باستنشاقه ولاحظ أنه يخفف الألم ، فتم استخدامه لاحقا في العمليات الجراحية كمخدر. 

جهاز تنظيم ضربات القلب قام المهندس الأمريكي (ويلسون غريتباتش) بتسجيل النبضات الكهربائية عن طريق جهازٍ يحاكي ضربات القلب، لكنه أضاف عن طريق الخطأ مكوناً يعطي نبضات كهربائية عوضاً عن تسجيلها فقط، ولاحظ بعدها أن هذا الجهاز يحاكي ضربات القلب، فقام بالتخلي عن خطته القديمة والتركيز على صنع جهازٍ ينظم ضربات القلب.

 الجاذبية فقصة اسحق نيوتن والتفاحة من القصص الشهيرة جدا، كما أنها واحدة من قصص العلماء والمخترعين الغريبة جدا، والتي تؤكد على أهمية الملاحظة وإعمال العقل، حيث أن نيوتن كان يجلس في حديقة والدته أسفل شجرة تفاح، ثم سقط على رأسه تفاحة، وهو أمر عادي قد حدث مع الكثيرين قبله، ولكن نيوتن أعمل عقله فلاحظ بأن التفاحة سقطت عموديا على الأرض، بدأ نيوتن يفكر لماذا سقطت التفاحة عموديا على رأسه ولم تسقط يمينا أو يسارا، ثم بدأ يلاحظ حركة الكواكب والنجوم، ثم في النهاية توصل لقانون الجاذبية الذي ترتب عليه عدد من القوانين الأخرى، كما كان السبب في العديد من الإختراعات.

مخترعون قتلتهم اختراعاتهم 

كثيرة هي الاختراعات والاكتشافات عبر التاريخ، لكن يبدو أنه ليس من السهل أن يكون الإنسان مخترعا، خصوصا إذا أصبح ضحية اختراعه، فقد شهد التاريخ أعظم قصص المخترعين العظماء الذين أسهموا إسهامات عظيمة للبشرية، لكن اختراعاتهم هذه كانت سببًا لوفاتهم، كعالمة الفيزياء والكيمياء ماري كوري التي عرضت حياتها للخطر من أجل الأبحاث العلمية، حيث تعرضت على مدار سنين طويلة للنشاط الإشعاعي الذي استخدمته في أبحاثها، ولم تكن كوري الوحيدة التي ضحت بحياتها من أجل العلم والبشرية، فهناك مخترعون آخرون قتلتهم اختراعاتهم. فهذا فرانز ريشلت الذي اخترع ما يُشبه المعطف الذي يعمل كمنطاد، وحاول تجربة الاختراع من أعلى برج إيفل أمام حشد من المتفرجين، لكن المظلة فشلت في الفتح فسقط ومات، كذلك من بين المخترعين الذين قضوا نحبهم بسبب اختراعهم، الأميركي فرانسيس إدغار ستانلي، الذي أسس شركة سيارات ستانلي، وهو مخترع سيارة ستانلي البخارية في العام1896، ومن عجائب القدر موت مصمم السفينة الشهيرة “تايتانيك” المهندس الأيرلندي توماس أندروز ، فقد كان على متنها في رحلة غرقها عام1912م. أيضا المهندسان الأميركيان هنري سمولينسكي وهارولد بلايك اللذين ابتكرا “السيارة الطائرة”، وهي عبارة عن سيارة هجينة حيث قاما بدمج سيارة فورد بينتو وطائرة سيسنا، وأثناء تجربة ابتكارهما عام 1973، تحطم الجناحان أثناء التحليق في الجو، الأمر الذي تسبب بمقتلهما، ولاننسي مخترع “المزلجة الشراعية”  الألماني أوتو ليلينتال، الذي أكمل 2000 تحليق ناجح قبل أن يفقد السيطرة على المزلجة الشراعية في رحلته الأخيرة ويسقط من ارتفاع 15 مترا بصورة قوية الأمر الذي أدى إلى تحطيم عموده الفقري والوفاة، وكانت آخر كلماته “يجب تقديم التضحيات.

اختراعات نتيجة أخطاء

من المعروف أن معظم الإختراعات هي نتيجة لسنوات من التخطيط، والكدح، والكفاح، والتجربة والخطأ، ولكن من المفارقات العجيبة أن بعض هذه الخدمات، والمنتجات تم اكتشافها واختراعها عن طريق الخطأ. 
وهذا يعلمنا أن الخطأ ليس دائمًا سلبيًا، ولكنه في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي إلى فكرة رائعة من شأنها أن تسعد الملايين، من أبرز هذه الاختراعات: البوظة المتجمدة “أسكيمو” تلك الحلوى الجميلة التي يأكلها الأطفال والكبار ، تم اختراعها بسبب الفتى فرانك إيبرسون الذي نسي عصيره في الخارج في ليلة باردة ، خرج ليجد هناك شيئاً متجمداً وعندما جربه وجده لذيذاً للغاية فبدأ الاختراع من هناك ، كذلك الصبغة العلاجية فأثناء العلاج وللخضوع لبعض أنواع الصور الكشفية يقوم الأطباء بالاستعانة بصبغة طبية،هذه الصبغة تم اختراعها بالخطأ عبر عالم حاول اختراع دواء للملاريا ليجد دواءً فاشلاً وصبغة ناجحة. والكوكا كولا كان الهدف منها دواءً بطعم جيد لعلاج الصداع ، لكن من فحص الدواء تفاجأ بجمال الطعم وأبلغوا الطبيب بذلك الذي أضاف بعض المواد فقط لتكون كوكا كولا.

اختراعات ندم عليها مخترعوها 

في كل يوم يمضي من عُمر البشرية على سطح الأرض يتوصل العلماء في مختلف مجالات العلم إلى المزيد من الاختراعات المفيدة للبشرية و الضارة بها على حد سواء ، فهناك بعض الاختراعات التي بدلاً من أن تفيد تقدم البشر أودت بحياة الملايين منهم لدرجة أن الإنسان تمنى أنها لم تخترع أو توجد من الأساس، فهذا روبرت أوبنهايمر عالم الفيزياء الأمريكي، الذي سُمي بوالد القنبلة الذرية، ويُنسب له اختراع القنبلة الذرية، لكن ألبرت أينشتاين جعل استخدامها ممكنًا، وبارك أوبنهايمر دوره خلال الحرب العالمية الثانية، وبعد انتهاء الحرب كانت لديه مشاعر مختلطة قال بأنه ليس نادمًا على اختراع القنبلة، لكنه لا يشعر بأن ما حدث كان صحيحًا، أما أينشتاين فقد ندم كثيرًا لأنه أرسل رسالة إلى الرئيس الأمريكي رزوفلت لدعم أبحاث الفيزيائيين حول استخدام العناصر الذرية في الأسلحة، حيث كتب هو ورفاقه يحذره من الألمان ربما قد نجحوا في صناعة قنبلة نووية، وعلى إثر هذه التحذيرات قررت القيادة صناعة القنبلة النووية، وبعد مرور نحو ست سنوات من إرسال “أينشتاين” ورفاقه تلك الرسالة إلى “روزفلت” وفي يومين لن ينساهما العالم أبداً أسقطت الولايات المتحدة القنبلتين النوويتين المعروفتين باسم “ليتل مان” و”فات بوي” على مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، ليتمكن الأمريكيون في لحظات من قتل آلاف الجنود والبحارة وحتى النساء والأطفال والعجائز، وقال: لم أكن أعلم بأن الألمان لن ينجحوا في صناعة القنبلة النووية، ولو علمت لما فعلت ذلك. من بين هذه الاختراعات أيضا الديناميت الذي تسبب في موت الكثير من البشر في الحروب ، والذي اخترعه الفريد نوبل وكانت نيته خدمة البشر و ليس قتلهم، وكذلك الأسلحة كالكلاشينكوف، ذلك السلاح الأكثر شهرة والأشد فتكاً في العالم و الذي اخترعه الضابط السوفيتي السابقي ميخائيل كلاشنكوف بهدف مساعدة بلاده في الدفاع عن نفسها ضد الخطر النازي الا أن هذا السلاح انتقل الي أيدي الإرهابين وتسبب في مقتل العديد من البشر، الأمر الذي جعل الضابط الراحل يشعر بالندم، ويرسل برسالة اعتذار عن شلال الدم الذي تسبب فيه قبل وفاته.

اختراعات وأفكار ناجحة لم يرها أصحابها

على مر التاريخ أسهمت أعمال المخترعين والرياضيين والمهندسين وغيرهم في تقدم الإنسانية سواء بخطى قصيرة أو بقفزات كبيرة، لكن لم يمتد الأجل لبعضهم ليروا بأعينهم نتاج جهودهم، وهذه بعض الاختراعات والأعمال الناجحة التي توفي أصحابها قبل أن يروها ماثلة أمامهم منها:
فيولا أورجانيستا  قدم “ليوناردو دا فينشي” في عام 1490 تصميم آلة تقدر على إنتاج سلسلة من الأصوات مثل الكمان لكنها تعمل بلوحة مفاتيح مثل البيانو، ولم يتمكن “دا فينشي” من إنتاج اختراعه، لكن التصميم رغم أنه لم يكن مفصلا قدم فكرة جيدة للمحترفين في المستقبل بشأن كيفية صناعتها، وكانت أقرب الآلات إلى تصميم “دا فينيشي” حتى الآن هي الآلة التي انتهى من صناعتها “سلافومير زوبروسكي” بعد 493 عاما من رحيل صاحب الفكرة الأولى.
الآلة الكاتبة كان “هنري ميل” مهندسا إنجليزيا بشركة “نيو ريفر”، وفي عام 1714 حصل على براءة اختراع “لآلة صناعية” أو أسلوب لنقش الحروف، رغم أنه وصف فكرته بشكل غامض، إلا أنه ينظر لفكرته بأنها أول اقتراح واضح لصناعة ما عرف بعد ذلك بالآلة الكاتبة، توفي “ميل” في عام 1770، وفي عام 1873 وبعد 103 أعوام من رحيل “ميل” قدم الأمريكيان “كريستوفر شولز” و”كارلوس جليدن” ما يمكن تعريفه اليوم بأنه آلة كاتبة.
جسر “كليفتون” المعلق” برونيل” هو واحد من أبرز الشخصيات التي تحظى بتقدير كبير في بريطانيا، ويعتبر الأب المؤسس للهندسة المدنية الحديثة، يبلغ من العمر 24 عاما فقط عندما اختير مهندسا لمشروع إنشاء جسر فوق نهر “أفون” في “بريستول، لم يكن جسر “كليفتون” المعلق بالمشروع السهل، فقد كان وقت بنائه يمثل أطول امتداد لأي جسر في العالم، وتركت التأخيرات والنكسات المشروع غير مكتمل وقت وفاة “برونيل، توفي “برونيل” بسكتة دماغية بسبب تدخينه الشديد في عام 1859، واستمر العمل بناء على تصميمات “برونيل” وانتهى تشييد الجسر في عام 1864. 
ساعة بالبندول لاحظ “جاليليو” وسجل ظواهر فيزيائية إحداها كانت الحركة الخلفية والأمامية لوزن معلق، وفي عام 1641 بلغ 77 عاما وهو ضرير، لكنه قدم وصفا كاملا للحركات الداخلية لساعة البندول وحاول ابنه “فيشينزو” صناعة واحدة لكنه لم ينجح، توفي “جاليليو” في مطلع عام 1642 مخلفا وراءه نظريات فيزيائية كثيرة لعلماء المستقبل، وبعد مرور 14 عاما على وفاته نجح الفيزيائي الهولندي “كريستيان هوجينز” في صناعة أول ساعة بندول في العالم.
المسدس الآلي (متعدد الطلقات)
في العشرينيات من القرن الماضي طلب الجيش الفرنسي بندقية يدوية سعة 10 طلقات ويمكن تجمعيها وتفكيكها بسهولة وبتكلفة منخفضة، قدم “جون براوننج” الذي يعد أحد أساطير صناعة البنادق والمتخصص في مبيعاتها براءة اختراعه في عام 1923 ، توفي “براوننج” في عام 1926 نتيجة توقف في القلب، وسُلِّم التصميم للبلجيكي “ديدوني سييف” الذي قدم السلاح المنتظر في عام 1935، ويعد المسدس المتعدد الطلقات واحدا من أكثر الأسلحة شيوعا، وما زال ينتج حتى اليوم في اليابان.

في الختام قبل قرن مضى لم يكن أحد يتوقع وجود مركبة تدور في الفضاء وأخرى تصل إلى القمر، أو هاتف متحرك يحتوي في داخله على حاسوب، ولو طرحت هذه الأفكار على أحد الأشخاص في الثمانينات من القرن الماضي لضحك عليك واتهمك بالجنون، وبالفعل هذا ما حدث للأشخاص الذين قاموا بطرح أفكار بعيدة المنال ذلك الوقت ولاقوا معارضة شديدة، لكنهم رغم ذلك ثابروا على عملهم وقاموا بصنع اختراعات غيرت مجرى التاريخ ، فهناك اختراعات «ممكنة» تم التنبؤ بها في الماضي وظهرت في الحاضر؛ مثل غزو القمر، واختراع الطائرة، والأقمار الاصطناعية، وهناك اختراعات «متوقعة» تم التنبؤ بها في الماضي، ويتوقع ظهورها خلال العشرين عاما المقبلة؛ مثل “السيارة الطائرة” و”استنبات الأعضاء” و”زراعة البحر” و”اختفاء العاهات الوراثية”، أيضا هناك اختراعات «مستحيلة» تم التنبؤ بها في الماضي، ولا أتـوقع شخصيا ظهورها في المستقبل القريب، فرغم أننا قرأنا عن هذه الأخيرة في روايات الخيال العلمي، ورغم أننا شاهدناها في أفلام الخيال والفنتازيا، يستحيل إنجازها أو تطبيقها إما لمخالفتها مبادئ الفيزياء وإما لاعتمادها على تقنية لا يمكن توفيرها. فلاأتوقع مثلا اختراع آلة يمكنها السفر عبر الزمن، ليس لأن ذلك يخالف فقط مبادئ الفيزياء، بل يخلق مفارقات وجودية لا يمكن حدوثها, ولا أتوقع نجاح عمليات زرع الرأس في جسد جديد إن كان المقصود نقل شخصية وهوية الإنسان واستنساخ ذكرياته لجسد مختلف، كما لا أتوقع نجاح تقنية التليبورت «نقل الأجساد عبر الأثير»؛ لأن ذلك يتطلب تفكيك الجسم البشري لذرات ثم إعادة تجميعها على الجانب الآخر. ورغم قدرة الطب على رفع متوسط أعمار البشر، يستحيل تحقيق حلم الخلود؛ لأن جميع الخلايا الحية مبرمجة للشيخوخة والانهـيار مهما أطلنا في عمرها… الجميل فعلا أن كل هذه التقنيات «المستحيلة، والممكنة، والمتوقعة» ظهرت أولا في روايات خيالية يعود بعضها للقرن الثامن عشر.