منذ أيام  دار هذا  الحوار  بين  طالب  وأستاذ.

– بدا علي الطالب بعض علامات الحيرة، وهو يقول: “هل يُمكنني طرح سؤال”؟.

اجلس وسل ما شئت.

– أنا في بداية حياتي الجامعية، وتبدو لي مُحيرة بعض الشيء، أشعر بغربة وعزلة بعض الشيء. وقد كثرت عليّ “عناوين التنمية البشرية، وكيفية التعامل مع الناس واكتساب الأصدقاء”. فمن أين ابدأ  كي أجيد ذلك، وأجد صديقًا صدوقًا يُعينني وأعينه؟.

سؤالك “موضوعي” في منطقه، وله أهمية كبري.

التعامل مع الناس وأسس الصحبة تبدًا بالنفس. فنحن لا نتعامل ولا نصاحب أحدًا أكثر ولا أطول مدة من معاملتنا وصحبتنا لأنفسنا. لذا يبدأ التعامل وتبدأ الصحبة والتزاماتها من كيفية علاقتنا بأنفسنا. وكيف نصادقها ونصدقها ونتعامل معها؟

فحين نُحسن التعامل مع أنفسنا ونكون أصدقاء طيبين لها نصبح كذلك للآخرين. كما أن الصحبة الأمينة للنفس تتمثل في ألا ننشق عليها أو تنشق علينا. بل نمضي بها على صراط الله المستقيم. تعرفًا إلى الله تعالى، وحسن صلة به سبحانه. واتباع هدي وهداية رسوله صلي الله عليه وسلم.

– بدت علامات الاهتمام على الطالب

– لتعلم أن حقل التدريب الحقيقي والأساس لحسن معاشرة الناس وآداب مصادقتهم تبدأ من ترويض النفس، ومجاهدتها وتهذيبها والتسامي بها. وإعطائها حقوقها، والتزامها بواجباتها. لكن تعذيب النفس واضطهادها واعتماد القسوة والقهر في تهذيبها كثيرًا ما يُفضي للمزيد من تمردها، كما أن التراخي معها والدعة تفسدها أيضا يقول الشاعر:

والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على  ***  حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم

فاصرف هواها وحاذر أن توليـــــه *** إن الهوى ما تولى يصم أو يصـم

وبين هذا وذاك، يأمرنا شرعنا الحنيف بالقصد، والاعتدال والنصح والأناة، والرفق في ترويض أنفسنا وفي تعبدنا وفي أمرنا كله مع أنفسنا ومع الناس كافة. ومن يبتغ حُسن التعامل مع الناس وصداقتهم الايجابية، فليبدأ بحسن التعامل والصداقة مع نفسه أولاً. وحين تُحسن تلكم الصحبة وتستقيم ينعكس ذلك على معاملاته وصحبته للآخرين من الأهل وذوي القربى والذين يلونهم، ثم الذين يلونهم في دوائر العلاقات الاجتماعية المتعددة.