إن هو إلا راحلة لسفرك

ألصقت وجهي بالمرآة أفتشه: لقد بدأت تجاعيد الوجه بالظهور على صغر سني، اقتربت مني مازحة: لقد هرمت وشارفت على الهلاك، نظرت إليها بابتسامة عتاب، فأجابتني مبتسمة: هذا الجسد يا عزيزتي ليس أنت، نعم ليس أنت!، هذا مسكن لك أيتها الروح القادمة من السماء سيذبل ويموت يوما ما، وأيام قرارك فيه معدودة.
فإما أن تملكيه وإما أن تكوني سجينته، إما أن تملكيه وتمضي فيه هذه الأيام المعدودة لك في الأرض تسعين في هدف وجودك على هذا الكوكب، وإما أن تكوني سجينته تتحركين وفق غرائزه فتموتين فيه، فيصير هو الحاكم بدل أن يكون المحكوم!! جملي نفسك أيتها الروح ليشع جمالك من خلف هذا اللحم والعظم يهدي الأرواح الغافلة، مسكنك هذا يعكسك بكل صدق، فينير بإيمانك ويظلم بغفلاتك.
التجاعيد ستظهر والجمال سيضمر والجلد سيبلى كما هو حال كل المساكن، ما جسدك هذا إلا راحلة تقطعين بها الأسفار، ثم تتركينها عند المحطة الأخيرة، لكنك ستبقين كما أنت روحًا قادمة من هناك لتحمل زادًا يعيدها مرة أخرى إلى عالم السماء، فأكثري الزاد فالرحلة طويلة والسماء التي أتيت منها بعيدة ولا تلهك المحطة عن الوجهة، اهتمي بسلامة المحطة لكن الأهم هو الوصول إلى الوجهة…