ما السِّر الذي جعل الصَّحْب الكرام والسلفَ الصالح وكذلك أجدادَنا الأمجاد ينتشرون في شتى بقاع الأرض؟ وما السِّر الذي جعل قلوب الناس تتفتح لهم بالقبول حيثما حلُّوا وارتحلوا؟ إن السِّر بلا شك هو “الحب”.. هو حبُّهم الإنسانَ.. حبُّهم الوجود واحتضانه من أجل خالق الوجود.. من هذه القيمة الإنسانية يأتي مقال الأستاذ فتح الله كولن الموسوم بـ”حب الإنسان”، راسمًا خلاله طريقًا يفوح بالحب الذي به يحيا الإنسان ويسعد وينشر السعادة في قلوب الآخرين.. ملفتًا أن الحب في معجم الإنسانية هو روحُنا، به نحس ببعضنا وبه نشعر، وأن الله لم يخلق رابطًا على وجه الأرض أقوى من الحب في وصل الناس ببعض.

قيادة المجتمعات الحقَّة ومن ثم خدمة الناس لا تكون أيضًا إلا بالحب، وهذا ما وقف عليه “فــادي محمد الدحدوح” في مقاله”القيادة الخادمة” الذي ذكر فيه أن “من المبادئ الأساسية للقيادة الخادمة خدمة المجتمع، وإنها تُساهم في تأسيس ثقافة خدمة الآخرين، وتنادي بالفضائل الإنسانية التي تحتاجها المجتمعات المختلفة”.

وهل يمكن أن يتحقق الحوار والسلم والتسامح والتعاون والتشارك بين الإنسانية من دون حب؟ هذا ما يتناوله “عبد العزيز الإدريسي” في مقاله “كيف نتعايش رغم اختلافنا؟”. ولمقال “بركات محمد مراد” طرَفٌ من الحب، إذ يقدِّم لنا نقاطًا مهمة حول “التربية الفعالة وتأثيراتها الإيجابية” على أطفالنا مركِّزًا على أهمية  حبِّهم واحترام آرائهم، يقول: “الحزم المبني على المحبة يغرس في نفوس الصغار محبة الآخرين، ويعوِّدهم الطاعة وأداء الواجبات بدوافع ذاتية وبتوازن عقلي ونفسي”.

و”عبد الحميد الداودي” أيضًا يبني مقاله على قيمة الحب والرحمة بين أفراد الأسرة ولا سيما بين الزوجين، يقول: “لكي يتم تفعيل الأسرة تفعيلاً قويًّا، لا بد من تواصل قوي يستند إلى مجموعة من القيم والضوابط الناظمة لكل حياة طيبة، ويحتاج إلى حوار بنّاء وفعّال قائم على أدوات متعددة، منها ما هو حسي ومنها ما هو معنوي”.

ولا بد للجالية المسلمة من تبنّي هذا الحب والتعايش مع إنسان الغرب، لتتمكن من الانفتاح الإيجابي حسب تعبير “صالح الشاعر”، يقول: “الشراكة الحضارية للأقليات المسلمة في بلاد المهجر، تعدُّ مدخلاً فاعلاً في تصحيح الصورة عن الإسلام والمسلمين، ومن خلال ذلك تَبطل جملة من الشبه التي دأب أصحاب المصالح على بثها وترويجها في الأوساط الغربية”.

أما فضيلة الأستاذ الدكتور “علي جمعة” فيجعل الحب ممرًّا لحب الكون والكائنات، ففي مقاله “حب الجماد من فقه حب الحياة”، يعقد صلة وثيقة بين الحياة والجماد، ويلفت إلى أن الجماد له احترامه في تصور المسلم للوجود، ومستشهدًا على ذلك بسيرة سيدنا وحبيبنا محمد . وإذا كنتَ تحب الحياة، فلا بد من أن تعتني بصحتك، ومن أجل الاعتناء بصحتك فلا بد من حمية متوازنة صحية، أما الطريقة الصحيحة لهذه الحمية فيقدِّمها لنا “عارف أسَرْ أوغلو” في مقاله العلمي “الحمية المتوازنة”.

إلى جانب مقالات قيمة أخرى تحبِّب إلى قلب القارئ العلم والأدب والثقافة والتاريخ.. والله تعالى من وراء القصد.