أنانية الفرد وأنانية الجماعة

إذا عُهد إلينا بمسؤولية في خدمة الإيمان -صغيرة أو كبيرة- فعلينا أن نوفّيها حقّها ونتواضع قائلين: “المسؤولية أعلى من كل شيء، والنفس أدنى من كل شيء”، ونكون على وعي بوظيفتنا وموقعنا. وقد يمنحنا الباري انبعاثًا جديدًا، يوفّقنا ويكلل أعمالنا بالنجاح ويتكرم علينا بعطايا لا تعد ولا تحصى.

الحرمان من عون الله. وإذا أردت لعناية الله أن تستمر بالهطول عليك في نجاحاتك، فتخلّ عن ادعاء الفضل لذاتك، اعمل على محو الـ”أنا”، وانسِب الفضل إلى صاحب الفضل.

فالحذر الحذر -لحظتئذ- من الوقوع في براثن الأنانية فردية كانت أو جماعية، لأن الأنانية سبب الحرمان من عون الله. وإذا أردت لعناية الله أن تستمر بالهطول عليك في نجاحاتك، فتخلّ عن ادعاء الفضل لذاتك، اعمل على محو الـ”أنا”، وانسِب الفضل إلى صاحب الفضل، وتواضع أمام الله.

فالحذر الحذر -لحظتئذ- من الوقوع في براثن الأنانية فردية كانت أو جماعية، لأن الأنانية سبب الحرمان من عون الله.

إن هذا الوعي -لعمري- سيمكننا من تجاوز المسافات، والمضيّ إلى المستقبل قدمًا بروح غضة وحماسة متقدة لا تعرف الكلل ولا الملل أبدًا.

النعمة المكروهة

إن نعمة تبعد العبدَ عن ربه أعظم مصيبة يمكن أن يبتلى بها. إن كانت نعمة المنصب في إدارة، أو المقام في منظمة، أو اللقب في جامعة، أو الجاه في شركة، تنسينا ذكر خالقنا، أو تضخّم حس الغفلة في داخلنا، فإنها نقمة في ثوب نعمة. فاربط كل شؤونك بمرضاة الله، اضبط بوصلة قلبك في اتجاه رضاه، تستقم أمورك، وتنج من مخاطر النقم المبطَّنَة في النعم.

التفكر وقود المشاعر

إذا أردنا للمشاعر الروحية والعواطف الجياشة أن تبقى متقدة في قلوبنا لا يصيبها الشحوب، وأردنا لعشق السعي وحماس العمل أن يظلاَّ فياضين في عروقنا، فعلينا بتفعيل “آلية التفكر” وتعميق عملية التدبر.

كلمة “التفكُّر” من صيغة “تفعّل”، وذلك يعني التكلّف ومزيدًا من الجهد في العمل، ومن ثم إذا أراد المرء أن يتطبع بخاصية “التفكُّر” فعليه بالممارسة المتواصلة في التأمل والإلحاح على النظر في الأمور من وجوهها المختلفة، والمثابرة على إجهاد المخ في التدبر حتى الصداع. بذلك يصير التفكر جزءًا من طبيعة الإنسان وسجية من سجاياه. التفكُّر ليس تلك العلاقة السطحية التي يقيمها المرء بينه وبين ما يراه أو يسمعه.

إذا أردنا للمشاعر الروحية والعواطف الجياشة أن تبقى متقدة في قلوبنا لا يصيبها الشحوب، وأردنا لعشق السعي وحماس العمل أن يظلاَّ فياضين في عروقنا، فعلينا بتفعيل “آلية التفكر” وتعميق عملية التدبر.

التفكر أن يقلّب الإنسانُ الأمورَ من زاوية البداية وزاوية النهاية معًا، ويغوص في الأعماق يكتشف تراكيب جديدة، ويحرك العقل كالمكوك بين الأسباب ونتائجها، ويصهر المعاني التي توصل إليها في بوتقة روحه، ويدمجها في الوقت ذاته بمشاعره الجياشة، ويصفّيها بمصافي المقاصد الشرعية الكبرى، حتى تخرج غضة طرية نقية من أي شائبة. أجل، الوصول إلى أفق عال من العشق والشوق يقتضي تفعيل آلية التفكر، والحفاظ على ذلك الأفق يتطلب -كذلك- تفعيل آلية التفكر، والمواظبة على ذلك دون انقطاع.

الحفر في أرض المعرفة

البحث يولّد المعرفة، والمعرفة تولّد الشوق إلى المزيد، لذلك لا تتوقفوا عن الحفر في أرض معرفة الله. كل معرفة جديدة ستثير لديكم توقًا جديدًا إلى المزيد، وذلك سيؤدي بكم إلى مثابرة الحفر، والحفر إلى مزيد من الشوق إلى المعرفة، وهكذا دواليك؛ كمثل رجل رمى بدلوه في بئر، فلما سحبه وجده يفيض بالماء، فازداد شوقًا إلى الاستزادة فأعاد الكرة بعد الأخرى، وكلما تفجر البئر بالعطاء اهتز الرجل طربًا وشوقًا وهتف “هل من مزيد؟”. فالإلحاحَ الألحاحَ على الحفر في أرض المعرفة، فلا يزال المرء يلح في الحفر حتى يغدو من أبطال “هل من مزيد؟”

 

(*) الترجمة عن التركية: نوزاد صواش.