نشاطات “حراء”

إن الفكر الذي انبثقت عنه “حراء” هو بالأساس فكر انسيابي، ليس من طبيعته التوقف عند مكان دون مكان. وواحد من هذه الانسيابيات حضور “حراء” في 16/1/2010 في الأردن ومشاركتها الفاعلة في المؤتمر المعنون: “رؤى معاصرة للإصلاح الإسلامي ودورها في تعزيز السلام العالمي.. تجربة فتح الله كولن التركية نموذجاً” وهي بهذا تسهم إلى حد ما مع المفكرين الآخرين في ترسيخ مفهوم السلام العالمي وماذا يمكن لتجربة الأستاذ فتح الله أن تضيف إليه.

و”حراء” وهي تثمن دائماً نتاجات أفكار كتّابها، وإسهاماتهم المتميزة في إثراء المجلة، لم تنس واحداً من كتّابها الكبار الذي انتقل إلى رحمة الله عن قرب وهو الأستاذ الدكتور “فريد الأنصاري”، فعقدت “ندوة وفاء” في الدار البيضاء بالمغرب يوم 20 فبراير 2010 لاستذكار فكر الرجل وتقويم ما أعطاه من فكر لمجلة حراء خلال سنين عديدة، لا سيما وأن المناسبة وافقت صدور آخر كتاب ألفه قبل الرحيل، وهو رواية “عودة الفرسان”.

و”موريتانيا” هذا البلد الخصب بشعرائه وأدبائه وعلمائه الأفذاذ في علوم القرآن والمتعشقين للشعر والأدب، خصصت “حراء” إحدى أكبر جوائزها لأفضل ما جادت به قرائح شعرائها من مديح وثناء على الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وهي تحلي صدرها بالقصائد الفائزة وتزين بها صفحاتها، وقد تم توزيع الجوائز على الفائزين في حفل رائع في العاصمة نواكشوط يوم 23 فبراير.

أما في “اليمن” فنشاطات “حراء” لا تقلّ أهمية عن نشاطاتها في الأماكن الأخرى. فقد عقدت “حراء” ندوات تعارفية في كل من مدينة صنعاء بالتعاون مع جامعة صنعاء العريقة، ومدينة عدن بالتعاون مع مديرية وزارة الأوقاف؛ كما افتتحت “حراء” في اليمن وموريتانيا في نفس الوقت معرضاً حافلاً بصور آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام الموجودة حالياً في متحف قصر طوب قابي في إسطنبول.

و”حراء” إذ تفعل ذلك تنطلق من مفهوم التواصل الثقافي والعلمي والتاريخي بين تركيا والعالم العربي، وهي تحاول جهدها أن تقيم جسوراً من التواصل الحميمي بينها وبين الثقافات الشقيقة الأخرى.

وبعد: فإن “حراء” تنعى إلى قرائها بمزيد من الحزن والأسى الأستاذ الفاضل “أورخان محمد علي”، هذا الرجل الصابر المحتسب الذي ظل يصارع مرضه العضال بشجاعة نادرة، ولم يدع القلم يسقط من بين أنامله حتى أواخر أيامه، فكتب الكثير وترجم الكثير. ولعل أعظم نتاجاته في الترجمة كتاب “النور الخالد” للأستاذ فتح الله كولن، بالإضافة إلى جملة كبيرة من كتبه الأخرى ومقالاته.. تغمد الله الفقيد برحمته وأسكنه فسيح جناته.. آمين..