ملامح تربوية في رسائل النور

عوامل شتى دفعت النورسي باتجاه الفعل التربوي خارجية وداخلية.. غربة حادة على تل يوشع، وجلسة روحية خصبة على ضفاف نهر الفولغا، وتلاوة قرآنية خاشعة في جامع “بيازيد”… كلها أوقدت في ذاته صحوة روحية قادت سفينة حياته نحو تخوم ترضي توقه العميق للخلود. وقد كمّلت الشعرات البيض الزائرة لرأسه مهرجان النور في صحوته بدلالاتها المتوهجة ووجهت سطوة فكره بسوط روحه، كما فَتحت زياراتُه لمقبرة أبي أيوب الأنصاري آفاقاً جديدة في تصوره الغيبـي، أدمجته في الفضاء الآخر بكل إيحاءاته وأسراره. أما القرآن فكان يصنع في داخله معماراً جديداً أصيلاً، ويضرم نار توحّده ويؤصل في ذاته الحنين إلى تبليغ الرسالة.. فطبيعته الشاعرية المرهفة المتوزعة بين التوق اللامحدود وبين شدّ الواقع المحدود، وصلاحه الذي أزهده في زينة الأرض الخادعة، وميله الجارف للتبليغ، ألحت عليه ليتجه هناك إلى “بارلا” ليحضر أدوات صناعة تاريخ الإيمان في زمانه ومكانه.. فكان رجل القدر حقاً…

المنهج التربوي عند النورسي هو الحياة والإنسان

كان النورسي يعشق الحياة عشقاً هائلاً ويراها أكمل ثمرة للوجود، كما كان يذوب في حب الإنسان ويود لو فدى سعادته ومصيره بنفسه.
الإنسان عند النورسي ليس هيكلاً مادياً مجرداً أو عقلاً منطقياً بارداً، بل إنه كائن حساس فريد ومتميز، واسع الدوائر الوجودية، ذو خصائص عقلية وروحية ووجدانية وأخلاقية شاملة، خليفة في الأرض، وهو مبتلى بتوتر عميق بين محدودية إمكاناته ولانهائية آماله في الكمال والخلود.
ويتميز منهج النورسي التربوي بعدة سمات منها: شمولية التناول، والمنهجية، والأصالة التي عجز أدعياؤها الوضعيون عن التوفيق بينها وبين المعاصرة لقيام مناهجهم على انتقاء أهوائي، أو اجتهاد غير قائم على منهج متسق وموحد، وضمن ضوابط أصولية خالصة وفهم عميق لروح الأمة وفطرة الإنسان، والواقعية التي تنظر إلى الإنسان كما هو ولكنها تدفعه إلى المثل والنموذج بيسر وحكمة وتبصر.

أبعاد التربية عند النورسي

البُعد الإيماني: لقد أدرك النورسي أن الإنسان كائن ميتافيزيقي، ولا يُشبع حاجاتِه العقلية والروحية والعاطفية إلا التوحيد. فأية نظرية مادية أو عقلية أو علمانية لن تقدر على إشباع هذه الحاجة العميقة. وذلك ما أكده كثير من فلاسفة العلم مثل؛ كاريل، رينيه دوبو، سوليفيان، جان فوراستيه… وعلماء نفس واجتماع معاصرون مثل؛ وليم جيمس، سوروكين، وغيرهم…
لقد أدرك النورسي أن الفرد لابد أن يعبد إلهاً، وذلك حق أثبته الواقع الفكري. فقد عبد كثير من الفلاسفة بشكل من الأشكال آلهة شتى؛ التيار الحيوي عند “رجسون”، والتطور الخلاق عند “دارون”، والروح المطلق عند “هيجل”، والديالكتيك في فكر “ماركس”، والمجتمع الذي ألّهه “دور كايم”، والجنس الذى قدسه “فرويد”، ووجود الفرد الذي بالغ “سارتر” في توثينه… وما هذه المصطلحات سوى أسماء تعبر عن أفعال وسنن كونية أو إنسانية أو حياتية أو اجتماعية خلقها الله سبحانه وتعالى وأوجدها ضمن مشيئته الكونية.
لقد ردم النورسي الأغوار الروحية العميقة لإنسان زمانه، بعرض فكرة القرآن عن مبدأ الإنسان ومصيره وغاية وجوده وقدره، وعن أسرار الكون والحياة. لقد أنقذ الإنسانَ من مشاعر فقدان الهوية، والشعور بانقطاع الجذور، والقلق من المصير، والرهبة من القدر، والألم، والموت. لقد قدم له الإيمان بالله واليوم الآخر والغيب القرآني؛ فجعل منه إنساناً آخر يشعر بالطمأنينة والسلام النفسي، والانسجام مع الكون ومخلوقاته والثقة بالله سبحانه وتعالى، كما أنقذه من التوحيد التقليدي البارد وأشعل روحه بالإيمان الحقيقي الفعّال المفجر للطاقات المبدعة، كما أعاد لمعنى العبادة حيويته وشموله ليستوعب كل تنفيذ صائب ومخلص لحكم شرعي، وكل فعالية حياتية أو عملية ملتزمة بمنهج الله أو متوجهة في مقاصدها إلى الله سبحانه وتعالى.
وكانت أسماء الله الحسنى وسيلته لتحرير الفكر من الرتابة والغفلة والتقليد والجمود، وتحرير الحس من التكرار والصور المملة، وتحرير الوجدان من غبار السآمة والمشاعر التافهة لتعيد له دهشته الأولى البكر للكون البديع، ولتنقذ العقل من السقوط في مهاوي المحاكمات العقلية الباردة للوقائع اليومية، وتفتح له أفقاً غيبياً ومشهوداً واسعاً لتفسير هذه الحقائق… وهكذا أنقذ الإنسان من الإشكالية المتأزمة في الضمير الإنساني بين الأمل والألم، والواقع والطموح، والحرية والضرورة، والعشق والفوات، والميل للخلود ومناوشات الزوال، والوجود والعدم، والواقع والمثال، والفرد والمجتمع، والتوافق والصراع.
البُعد العقلي: فقد فعل النورسي الكثير.. ومما فعله تجريد الفكر من المعلومات غير الحيوية وغير العملية وغير الحقيقية، وأفسح المجال لمقابلاتها الإيمانية وجعل نفسه نموذجاً لذلك التجريد. كما وفق في التوفيق العقلي بين ما تدركه الحواس وما لا تدركه، وذلك بغرس الإيمان بالغيب في الوعي البشري دون تصادم مع واقعات الحسّ، ومقررات العقل المنطقي السليم ونتائج العلوم التجريبية اليقينية القطعية، فوسع من أفق الواقع المكاني والزماني في وعي الإنسان. وقد أزاح أمامه بعون القرآن كل شبهات الماديين وأوهامهم وظنونهم وأهوائهم. ومن أفضل ما وضعه من شروط للتوصل إلى الحقيقة، هي الشروط الوجدانية والعقلية والروحية والأخلاقية؛ كتجنب الغفلة والمعصية والغرور والتعصب والوهم والنفي اللامسؤول والافتراض أو التنظير غير العلمي أو غير المتماسك.. كما دعا إلى تنقية كتب التراث من التفسيرات والآراء التي دحضها العلم بيقينياته.
البُعد الأخلاقي: كان من أبرز ما أصّله؛ التهوين من قيمة الشر المنتفش في عصره باعتباره شيئاً عدمياً وسلبياً. وقد عمق مفردات أخلاقية عديدة؛ كالصدق والأمل والصبر والشجاعة والتضحية… وجعلها وقوداً لازدهار الإنسان الأخلاقي، كما رسم خطوطاً كثيرة لوصول الإنسان إلى رضا ربه؛ كخط الشكر والتذلل والتوكل والحب والإخلاص… وحلّ الإشكالية المؤذية بين ميل الإنسان إلى الانتماء لذاته أو للمجتمع، وأقام طلابه على معادلة مريحة متوازنة بينهما، وقد قوى اللحمة الاجتماعية بدعوته لطلابه للتسامح والحب والتعاون وعدم الإسراف والتورط في المطالب الكمالية التي يختلقها الرأسماليون. كما وضع أسساً موضوعية جادة للحوار، ورسم قواعد لمنع الاختلاف أو تجاوزه أو تخفيفه. وباختصار فقد سعى إلى بناء مجتمع يقوم على الحق بدلاً من القوة، وعلى ابتغاء رضا الله سبحانه وتعالى بدلاً من التزاحم على طلب المنافع. ويقوم بناؤه على البر والتقوى لا على الصراع والجدل، وتشد لبِناتِه الأخوةُ الدينية الجامعة، ولا تشتته العنصريات، وتهذب رغبات الإنسان فيه ولا تطلقها بعشوائية وفوضوية.
البُعد العاطفي: أدرك النورسي أن العواطف لا تغتال ولا تقتل ولا تصادر، بل تحدّد لها الضفاف وتوجّه للبناء وتؤطر بإطار من الحق والخير والعدل: “نحن لا نقول لك لا تحمل ودّاً ولا حباً، إنما نقول اجعل محبتك لما ذكرتَه في سبيل الله ولوجهه الكريم”. وأشار إلى مكاسب التوجه إلى الله سبحانه وتعالى في الحركة العاطفية الإيمانية والأخلاقية والنفسية والمادية…
فإذا كانت اللذة العاطفية السائبة ممتهنة بالابتذال الحسي، ومتنغصة بألم ترقب الزوال وتوقع الفراق، وتوجّس الفقد، وغصص الفوات، ووخز أشواك الغيرة والحسد، وحسرات عدم تبادل العاطفة بمثلها صفاءاً ودواماً. فإن اللذة العاطفية المنضبطة بالإيمان لذة نقية شفافة دائمة.

التربية الجمالية في فكر النورسي

إحساس الإنسان بالجمال فطري أصيل. والجمال في الكون أصيل -كذلك- وكلي وشامل وغائي. ذلك أن كل شيء في الكون ينطوي على الخير وفيه جمال وحسن. و”لمسات التجميل والتحسين رحمة مُرادة”، وأن هناك تفاضلاً في درجات الحسن، ويميل الإنسان إلى الأحسن والأجمل.. أما اللذات الجمالية فهي تتسم بالتنوع والشمول؛ فهناك لذات حسية سمعية وبصرية وشمية وذوقية، وهناك لذات جمالية فكرية وروحية وعاطفية تتذوقها العقول والأرواح والقلوب. والاستمتاع بالجمال المشروع فيه فوائد جمة؛ إذ تَرِقّ بها أحاسيس الإنسان وتتهذب مشاعره وتطهر أفكاره وتصفو نفسه، وتسمو بعد ذلك نقية طاهرة إلى خالقها.
ويحث النورسي الفرد المسلم على الانضباط بالضوابط الشرعية في التمتع بالجمال، لتتكامل لذته وتنفتح أمامه آفاق ملونة رحبة للحسن، ولتأمن لذته من ألم التكدير وألم خوف الزوال.

بين الأدب القرآني والأدب الغربي

وفي مقارنة لطيفة بين الأدب القرآني، والأدب الغربي تكشف لنا جمال الأول وفضل وعاهات الثاني وسلبياته. يقول لنا النورسي ما معناه: “إن الأدب الغربي يمجّد القوة ويؤلّه الطبيعة ويعبّد الإنسان لها، وهو يثير في القارئ معاني العبثية والضياع وفقدان الهوية والانتماء، ويؤصّل في وجدانه مشاعر العزلة والوحدة في الكون. وهو بشكل من الأشكال أو وفقاً للذوق الإسلامي، غير منضبط أخلاقياً”.
لذا فهو “قد وضع لساناً كاذباً في فم البشر وركب عيناً فاسقة في وجه الإنسان، وألبس الدنيا فستان راقصة”. ولأنه محروم من تذوق معاني العشق الحقيقي أو الحب الخالص، فإنه يغرز ذوقاً شهوياً عارماً في النفوس ويشبّه لقارئه الشمس بممثلة شقراء.
ومن سلبيات منظوره للواقع، الرؤية المادية الضيقة للواقع والمتجاهلة لأبعاده الغيبية، فهو ينكر غيب الكون أو يتعامل معه تعاملاً فلسفياً بارداً أو تجريبياً نفعياً. ويملأ تصور البعد الغيبـي في الذات البشرية بالظنون المزعجة والأوهام الباطلة.. وأدبه الكلاسيكي الذي يركز على الأساطير الكونية والتاريخية، لم يوفق في الوصول إلى مستوى الأدب العالمي المؤثر من ناحية المضمون، في الأقل للتباين الشاسع بين منظور الإنسان المعاصر للعلم والعالم والقيم، وبين المنظور اليوناني أو الروماني الغابر المثقل بالرؤى البدائية المتخلفة للفكر والكون والحياة وأخلاقياتها:
“وأنَّى للميت أن يهب الحياة” كما يقول النورسي. وهو واقع في تناقض حادٍ بين أخلاقياته المزعومة ومعقوليته، وبين تصويره المثير للجوانب الهابطة في النفس والمجتمع. هذا التصوير الذي ينسف رقابة العقل وأحكام عالم الشعور، ويثير الهوى الكامن في نفس القارئ الذي لا تغني في تلطيف إثارته القيم الباردة غير الملزمة النسبية والمهزوزة والخجلى، التي يبثها الأديب الكلاسيكي هنا وهناك على صفحات إبداعه.
أما المشاعر التي يثيرها الأدب الغربي، فهي إما حزن كثيف معتم لا تخترقه أضواء الأمل في المصير الأخروي، أو اللقاء المتجدد مع الناس والأشياء، أو السعادة في عالم آخر… أما الفرح الذي تخلفه، فهو يتسم بعدم البراءة ويدفع إلى مزيد من التجاوز على الآخرين وعلى الحق، وتكدره توقعات الفراق وآلام الفوات ومشاعر الندم… وهو بهذه الأوصاف يشير بشكل مجمل إلى سلبيات كل من المذاهب الغربية الفنية الآتية؛ الكلاسيكية، والوجودية، والواقعية، والطبيعية.
وقد وضع النورسي أدب القرآن قبالة ذلك الأدب الغربي، فبدا عملاقاً رصيناً متوازناً إنسانياً أخلاقياً شاملاً… فهو أدب توحيدي يخلق الطمأنينة، ولا ينصب علامات الاستفهام على طريق القارئ، فلا حيرة ولا شك ولا اغتراب… فإنسان هذا الأدب قد تكشفت له دلالات القدرة والحكمة والعناية والرحمة واليقين في هذا العالم، وانشدَّ بكل وعي واختيار إلى منظومة الحقائق الإسلامية المتناسقة والصادقة والشاملة، وامتلأت نفسه رضاً وأُنساً ووداً وسكينة.
أدب القرآن ذو منظور أخلاقي. إنه لا يحرك ساكن الهوى، وينشُد الحق والجمال الخالص ويتبنى الصدق. فرحه فرح “لطيف بريء نزيه” يبعث على الفضيلة ويقود إلى الكشف ويومئ بأصبع النور إلى عالم الفرح الشامل والغبطة الجذلى. وحزنه رفيع شفاف خالص متوجه إلى السماء مترع بالرجاء مليء بوعود اللقاء… إنه أدب الحقيقة بمعناها الشامل لوحي الله سبحانه وتعالى واجتهاد الإنسان، ومنظوره للواقع يتسم بالشمول، إذ يستوعب المحسوس المجرب والمخبوء المغيب في الكون والحياة والإنسان. وهو يدعو الإنسان إلى التعامل مع هذا الواقع الكلي بمعادلة اليقين.

التربية البدنيّة

لم تسمح حالات النفي والإقامة الجبرية والسجن التي عانى منها النورسي، بالاهتمام الكافي بهذا البعد التربوي بشكل متكامل، ولم تسمح لروحه الجهادية المتوثبة وديناميتها الجسدية المتدفقة التي كانت قد وجدت لها مجالاً رحباً في الجهاد ضد العدو أن تنطلق فيما بعد لإعداد جيلٍ أقرب إلى التكامل المثالي. وحسبه تأكيده على نقاط مهمة في التربية الجسدية منها: ضرورة تحديد كمية الطعام المتناول والنهي عن الإسراف، والربط بين السلوك الأخلاقي المنحرف والأمراض العضوية، والتركيز على أهمية العلاج المادي للأمراض، والإرشاد إلى العبادة، وبيان أهميتها لسلامة الجسد، والإشارة إلى أهمية الطب الروحي والنفسي في الشفاء من الأمراض، والإسهاب الرائع في بيان حِكَم الأمراض المتنوعة.

التربية الإرادية

احترم النورسي إرادة الإنسان، ونظر إليها نظرة قرآنية وسطية بين المذاهب الفلسفية التي تلغي هذه الإرادة تماماً، أو تضخمها حتى تتحدى الضرورات القدرية البشرية والكونية الصامدة. فهي إرادة جزئية يمكن تقويتها بالإيمان المتمحور كنقطة استناد واستمداد، وبممارسة التدريب الإرادي الخاص بالامتناع عن السلوك الفطري المباح، والتدرب على الأعمال الإيجابية، والتكيف مع الصبر على الطاعة والبلاء وعن المعصية…
وكان النورسي بالوعد الذي كان يشير إليه في السعادة الصافية الدائمة في الآخرة وبالتلويح بالتوبة في حالة الوهدة، يمنع الإرادة من الترهل والموت. وبأساليبه الإيحائية المؤكِّدة على كرامة الإنسان وعزته، وتهافت قوة أعدائه وتأييد الله سبحانه وتعالى للمؤمنين يزيد الإرادة اشتداداً. وببيانه لحكم المصائب يزيد الاختيار انتعاشاً، كما كان لمنطقه العقلي المقنع وخطابه الأدبي الممتع، وما كان يرشد إليه من الأشكال الشعائرية والصيغ الروحية؛ كالاستعاذة من الشيطان والاستغفار وإهمال الوساوس وعدم بعثرة قوى الصبر في جوانب غير أساسية وخيالية… دور في إدامة نشاط الإرادة الحرة. أما تحذيراته من اليأس والقنوط والطمع وحب الظهور والخوف والحزن والاستعجال والاستبداد بالرأي والتقليد والتسويف والراحة والإسراف والرياء والعجب والأنانية… فكانت تصوغ من الإرادة خلقاً آخر يتحدى الوهن والتآكل والتفتت.
ومن الآداب اللطيفة التي التزم بها النورسي في فعله التربوي بدؤه بنفسه باستكمال نواقصها ثم الشروع في عمله، والاستعلاء على المديح والنقد، ونقد الظواهر غير الصحيحة بالبرهان والحوار، واتخاذ التسامح شعاراً له، وعدم أخذه أجراً على تعليمه، ومخاطبته الناس على قدر عقولهم، وعدم انقطاعه عن التربية حتى في السجن الذي سماه “المدرسة اليوسفية”.