في ذكر الله 

لا إله إلا الله تحي القلب الميت وتنعشه، وتوقظ الوجدان الوَسنان وتزيد العقل والقلب بالإيمان، وتنقض الكفر والعصيان وتغلق أبواب الضلال والخسران، لا إله إلا الله خير كلمة قالها المرسلون والنبيون والأولياء والصالحون ترددها القلوب قبل الألسن فتشعر بحلاوة الإيمان فتكررها تكرار العطش الظمآن أو تكرار العاشق الولهان، ليس ذكرًا مجردًا باللسان ولكن ذكر بالوجدان، إذا أوتي بحقه سمِعتَ الكون كله يكرر معك ومن وراءك لا إله إلا الله.

لا إله إلا الله نفي واثبات تتضمن في معانيها سبعين بابًا من العلوم والعظات وصفها الموحدون من كل أمة بكل لسان، فما أدوا حقها وما وسعهم في نهاية الأمر إلا أن قالوا ما ذكرناك حق ذكرك يا مذكور وما قدرناك حق قدرك يا الله.

لا إله إلا الله إذا ذكرها العاشقون ومن تعلقت قلوبهم بحب الودود قالو بلى والله ما وَلِهنَا إلا بحبك يا الله ولا يحق أن نشرك في حبك أبدًا، وإذا ذكره المحققون قالوا تبرئنًا من كل الأغيار والتجئنا بكلياتنا إليك يا واحد يا قهار وإذا ذكره الحامدون قالوا حمدًا لك كل الحمد يا الله على أنك أنت الله حمدًا لك أنك هديتنا لك، حمدًا لك على أن ما تركتنا نأله غيرك ثم قالو ماحمدناك حق حمدك يا محمود، وإذا ذكره التائبون قالو تبنا إليك يا الله وعلمنا أنه لا إله سواك يغفر الذنوب وعلى العاصي يتوب.

فما زالوا يذكرونه ويعلمون أنه هو التواب الرحيم يطلبونه فيجيبهم بحسب ظنّ كل منهم فيتوبَ على العاصين ويغفر لمن طلب الغفران، ويذكر الحامدين له في ملكوت السماوات ويجعل حسناتهم تعجز الملائكة عن احصائها، ويزيد أهل التحقيق تحقيقًا بحقيقة كونه الحق، أما العاشقون فيزيدهم ودًا ويحبهم حبًا ويأمر الكائنات كلها بحبهم فيطيعوه.

فطوبى لمن ذكره خاليًّا ففاضت العبرات من عيناه، طوبى لمن ذكره فاعترف بالتقصير، بشرى لمن ذكره فعرف أنه لايستطيع أن يثني عليه إلا كما أثنى هو على نفسه.

اللهم اجعلنا من الذين تعلقت قلوبهم بحبلك المتين فصارت حياتهم ومماتهم لك يارب العالمين.