حيرة

اغرورقت عيناه بالدموع وشرد بصره بعيدًا تائهًا يبحث عن مجيب لما يتزاحم في عقله من حيرة، حيرة تضمحل ليخرجها له شيطانه من جديد عند كل فتنة، أتراني على حق، أتراني على صواب، أهذا حقًا هو طريق الخلاص؟
انهمرت دموعه حسرة، هذا القلب أعياه بتقلبه لا يكاد يرسو أبدًا، وهذا العقل يحتار بين الحقيقة وبين حدود إدراكه هل ترى التوحيد هو طريق الجنة، هل فعلاً لنا بعث الممات أم ستنتهي حياتي هاهنا بلا مصير؟
علت شهقاته وزفراته وارتفعت عيناه إلى السماء تحدق فيها كما لو أنها تخبره أن فيها الجواب، تطلع إليها مقهورًا ونادى يارب، سيدي وخالقي ومولاي أنقذني أرشدني ثبتني، يا رب أريد أن يطمئن قلبي جاءه الرسول في الحال قائلاً، قد ذبحت طيور اليقين التي كانت تغرد بالإيمان في قلبك فوق جبال الشكوك، أدعهنَّ يأتينك من فورهن، تلعثم لسانه وانقطع صوته وارتعدت فرائسه، فهي الآن ميتة فأنى لها أن تجيب؟
لكنه يبحث عن الحقيقة، يريد أن يخمد نار الشك التي تشتعل في صدره، استجمع قواه ليقف من جديد ويصيح بأعلى صوته: تعالين إلي، فأتته من فورها سعيا، علم حينها عين اليقين أن الله على كل شيء قدير، وتجلى الحق أمام جبال الشكوك فصارت دكًا، استفاق من صعقته والتفت إلى الرسول يسأله من أنت يامن أنقذني؟ ابتسم وقد أشرقت أساريه أنا رسول الله في قلب كل إنسان أنا نور الله في عقل كل إنسان، أنا الفطرة! انحنى أمام الرسول انحناء خضوع وقال: أنا تابعك خذني إلى بر الأمان.
صفاء عزمون