تراتيل مائية بلون الرؤى (في ذكرى المولد الشريف)

كم عَذَّبَ الحُبُّ روحًا في الهوى وسَـبَا                  وشتَّتَ القلبَ حيرانًا ومضطربا
إنْ يَذْكُر الحُبَّ، من فرطِ الجنونِ هفا  أو يَذْكُر الحِبَّ، من فرطِ الجوى وثَبَا
فالعقلُ في حُجُـبٍ، والفكرُ في دَلَهٍ  والروحُ في سَقَمٍ، والقلبُ قيلَ كَبَا
للحبِّ منـزلةٌ، فيك الهوى صَـبَبا  أعلى مقاصِدِها بين الورى رُتَبَا
يا مصطفى الله، يا قصدي، ومعتمدي يا أحمدَ الحبِّ، يا من حبُّه وجبا
حبٌّ لأجمل مَنْ رأى الخيالُ، ومن هوى الفؤادُ، ومن للعقل قد سلبا
حبٌّ تملَّكني في كلِّ خاطرةٍ أنَّى ذهبتُ فقلبي فيه قد ذهبا
حبٌّ عرفتُ به معنى الحياةِ إذا  معنى المماتِ ومعنى الغيبِ قد حُجِبا
يا قبلةَ الناسِ حين الناسُ زلزلَهم رعبُ القيامةِ: مِنْ هَوْلِ اللظى رَهَبَا
يا مَفْزِعَ الخلق إن ضاقت بهم سُبُل إذا الرفيقُ تولى ثَمَّ أو هربا
يا روضةَ الصحبِ عند الحوضِ تجمعُهم يا ملتقى مَن رجا أو تاب أو طلبا
لي في هواك تراتيلٌ شُغِفْتُ بها قيَّدتُ روحي لها في الله مُحتسِبا
إن دلَّه القلبُ في حـبِّ النبي فما  أحْرَاهُ، أو هامَ مجنونـًا به وصَبَا
ما ضَرَّ عاشقَهُ أنْ يرتمي شَغَفا في سَكْرةِ الحبِّ مأخوذًا ومنسكبا
من علَّم الحـبَّ والإيمانَ مجتهدًا ما واهبٌ وَهَبَ الحُبَّ الذي وهبا
المصطفى خُلُقا، المصطفى وَرَعا المصطفى حَسَبا، المصطفى نَسَبا
قد أُعلن الحقُّ في كل الرُّبا فرحًا قد اصطفى اللهُ طه، واصطفى العربا
يا سيدي يا رسول الله، أيُّ هوىً يجري بروحي، فيسري ملأها طربا
أنتَ الأخُ الناصحُ، الوافي، وأنت أبٌ أحببتُ فيك أخًا، أحببت فيك أبا
أنتَ الذي أخلص المولى محبَّـتَهُ أنتَ الذي صَدَقَ التقوى وما كَذَبَا
جَهِدْتَ أن يبلغَ الإنسانُ مبلغَه في صحةِ الدينِ والدنيا كما وَجَبَا
جاهدتَ في الله طاغوتًا وطاغيةً  حطَّمـتَ بالحق جبارًا ومغتصبا
بَـيَّنْتَ للناسِ هَوْلَ الأمرِ عاقبةً كلّ امرئ نائلٌ ما اختار ما اكتسبا
فالمقسطون لهم في الله مأملُهم والقاسطون فكانوا للظى حطبا
والخائنون لهم في النار أسفلها من لّم يمعرْ لِحَقٍّ وجهَهُ غضبا
ما قدوتي في الملا إلاك يا مثلي إذ كنتَ لي في هوى دينِ الهدى سببا
يا رَبّ وَجِّهْ فؤادي في العُلا مثلاً  واجعلْ نبيَّك والقرآنَ لي أدبا
ربيعَ قلبٍ وصدرٍ بالَغَا زللاً  ورَوْحَ حزنٍ وهمٍّ في الأسى ذهبا
هذي البساتين من شِعْري لكم زَهَرًا أسعى بها سائلاً صبًّا ومُطَّلِبا
قربى إلى الله، لو يعفو بها زللي أدعوه، إن رغبًا أرجو وإن رهبا