بدا حاجب الأفُق

أوشك السفر على الانتهاء،
وبدا حاجب الأفُق،
ذاك الربيع الذي كان مخضرًّا بكل أشكاله،
أصبح اليومَ مصفرًّا..
الروح كالورقة، مهيَّأة للرحيل،
والقرار مَوكول إلى “القلم”،
لِيخُطّ النقطة الأخيرة..
فجأة.. كلُّ شيء بشتَّى ألوانه،
ارتدى بُعدًا أخرويًّا؛
ثم بدت نسائم العالَم الآخَر،
وانكشفت غايات الأحلام الكاذبة واحدةً واحدة..
على كاهلي الآن جبَلٌ عظيم يوشك أن يتزلزل،
وفي أملي يتلألأ الربيع…
وها كل عضوٍ مني يرتجف مثل أوراق الشجر،
كأنني الآن ميزان الألم:
في إحدى كفّتيه الخوف، وفي الأخرى مطلق الرجاء..
وموج الأكدار يضرب شاطئ السرور والأفراح،
أحيانًا في غاية السرور أنا، وأحيانًا أجهش بالبكاء،
ألطاف تنـزل وابتلاءات تهطل…
وكالغيث يشوبه الثلج ينهلُّ عليَّ،
والمشاهد تترى، والستار ينفرج وينسدل…
كأن الميعاد قد حان،
وفي الأفق شفَق جديد،
ظِلُّ العالَم الآخر يلامس وسادتي كل حين،
في ربوع قلبي شاهدتُ سابقًا ذاك الطلوع،
فصلا بعد فصل،
فوجدتُه أشدّ طرَبا من أشعّة ربيعيَ الأول…
ولكن، إذا بقيت فرصة لخدمة ديني بعد اليوم،
فصبرا على الحياة هنيهات،
وحُقّ لها أن تعاش فترة أخرى،
أما الآن فهمِّي الوحيد هو أن يُعرَف المولى العظيم،
ليت شعري، ربما بعد بضع خطوات،
يُعرَف أكثرَ مما كنت أحلم وأتوق…
ــــــــ
(*) لقد قام بتعريب هذه القصيدة الموزونة بأسلوب الشعر المرسل، الفقيد المرحوم فريد الأنصاري بعد أن قُدِّمت له مترجمةً ترجمة حرفية، وكان ذلك من آخر أعماله رحمه الله.